الأزمة الصحية التي ألقت بظلالها على مختلف الأنشطة الاقتصادية ساعدت تونس في تخفيف العجز المزمن في الميزان التجاري.
تونس - ساهم بطء التجارة العالمية بسبب قيود الإغلاق المنجرة عن الجائحة في دفع تونس إلى تقليص العجز التجاري منذ بداية العام الجاري بنحو 3.6 في المئة.
ووفق بيانات البنك المركزي التي تظهرها النشرية الخاصة بالتطورات الاقتصادية والنقدية والآفاق متوسطة الأجل، فإن العجز التجاري انخفض بواقع 4.3 مليار دينار (1.5 مليار دولار) خلال الأشهر السبعة الأولى من 2021 على أساس سنوي.
وتقلصت نسبة تغطية المبادلات التجارية بالأسعار القارة بنحو 1.2 في المئة مع نهاية جويلية الماضي، وأرجع المركزي والمعهد الوطني للإحصاء ذلك إلى تسارع وتيرة انخفاض حجم الصادرات بنسبة 13.3 في المئة والواردات بنحو 11.9 في المئة، مقارنة بالشهر السابق.
ويؤكد خبراء أن الأزمة الصحية التي ألقت بظلال قاتمة على مختلف الأنشطة الاقتصادية، ساعدت تونس في تخفيف العجز المزمن في الميزان التجاري الذي ظل لسنوات يحلق في مستويات عالية.
وقبل الجائحة، سجل متوسط العجز التجاري مستويات قياسية قدرت بنحو 5.3 مليار دولار، مما ضغط على الاحتياطيات النقدية للبلاد التي بلغت في العام 2016 نحو 4.3 مليار دولار. أما الآن، فتصل تلك الاحتياطات إلى أكثر من 7.3 مليار دولار.
ويجمع المحللون على أن نمو الواردات في السنوات الأخيرة كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة في السوق المحلية.
وتلقي أوساط الأعمال باللوم على حكومة الترويكا التي قادتها حركة النهضة، حينما فتحت الباب أمام غزو البضائع التركية وأغرقت البلاد في حالة من الفوضى الاقتصادية أدت إلى الدخول في نفق من الأزمات المتتالية.
وأعلنت السلطات الشهر الماضي أنها تسعى إلى مراجعة الاتفاق التجاري المبرم مع تركيا في عام 2004 بهدف خفض العجز المتفاقم، وقالت إن المفاوضات مع أنقرة ستكون مفتوحة على تعديل الاتفاقية أو حتى إلغائها وفقا للمفاوضات.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن العجز التجاري مع تركيا يبلغ حوالي 2.5 مليار دولار (900 مليون دولار)، وهو ثالث أكبر عجز تجاري بعد كل من الصين وإيطاليا.
وتعتمد النظرة المستقبلية لتونس جزئيا على قدرتها على تدبير تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، لكن المسار يبدو صعبا خاصة وأن لديها سابقتين منذ 2011 ولم تتمكن الحكومات في ذلك الوقت من استكمال الإصلاحات من أجل الحصول على الشرائح المتبقية من التمويلات.
ودخلت تونس في شهر مايو الماضي في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض جديد بقيمة 4 مليارات دولار، مقابل التعهد بتنفيذ برنامج اقتصادي يتضمن إصلاحات أساسية من بينها إلغاء الدعم وتقليص فاتورة الرواتب، لكنها توقفت بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد أواخر يوليو الماضي.
وتقدر حاجة البلاد إلى التمويلات بنحو 6.7 مليار دولار متوقعة في موازنة العام الحالي، ويمكن أن تصل إلى 8.2 مليار دولار نتيجة عدة عوامل من بينها ارتفاع سعر النفط الخام في الأسواق الدولية.