أكد البنك الدولي، أنه يتعين على تونس إصلاح منظومة دعم الحبوب المكلفة على مستوى الدعم المباشر والتوريد لضمان صلابة النظام الغذائي علما أن هذه الاصلاحات الحساسة سياسيا واجتماعيا تتطلب دراسة معمقة وجدولة لمواعيد تنفيذها.
وأضاف البنك الدولي في تقرير حول الظرف الاقتصادي لتونس تحمل عنوان "إدارة الأزمة في وضع اقتصادي مضطرب"، أن تونس وضعت منذ عقود سياسة دعم قائمة على المحافظة على اسعار عدة منتوجات، تعد ذات اولوية، دون اسعار السوق على امتداد كامل سلسلة الانتاج والتحويل وصولا الى المستهلك.
وارتفعت قيمة الدعم المخصص للحبوب في تونس من 730 مليون دينار سنة 2010 الى 2569 مليون دينار سنة 2020 مع ارتفاع مستمر للطلب الداخلي وذلك رغم تطور الاسعار في السوق الدولية.
وزادت حدة هذا الارتفاع مع تفجر الأسعار في السوق العالمية جراء الحرب في أوكرانيا وإذا ما استمر متوسط الأسعار لكامل 2022 على شاكلة الأسعار المسجلة خلال ال 5 اشهر الاولى من سنة 2022 فإن الدعم المخصص للحبوب سيرتفع بنسبة 63 بالمائة ليصل الى 6ر3 مليار دينار خلال السنة الحالية.
وبين البنك، أن السلع المدعومة تتضمن أساسا الخبز والطحين والسميد والعجين الغذائي والحليب والزيت النباتي وتستحوذ منتجات الحبوب على النصيب الأوفر من الدعم نظرا لأن أسعارها عند الاستهلاك في تونس يعتبر من بين الأدنى في حين تعد الأكثر استهلاكا في العالم.
واستحوذت الحبوب على أكثر من ثلاثة أرباع قيمة الدعم الإجمالي المباشر للمواد الغذائية ويعد الخبز والعجين الغذائي والسميد والكسكسي والطحين من بين أكثر هذه المواد دعما على شكل سلع استهلاكية نهائية.
وساهم نظام الدعم الشامل الذي يتم العمل به حاليا بشكل كبير في رفع استهلاك القمح ومشتقاته وأدى الى وجود حالات تسريب وتبذير مكلفة اقتصاديا.
ولفت التقرير الى أن الأسعار الضعيفة عند باعة التفصيل للحبوب ومشتقاتها ساهمت في تسجيل مستوى عالمي في تونس في مجال استهلاك القمح لكل مواطن ليتجاوز بذلك ضعف معدل الاستهلاك العالمي.
واعتبر التقرير، أن الطلب العالي جدا على الحبوب يعكس أساسا سعي محولي الحبوب الى الانتاج أكثر بهدف الحصول على المزيد من أموال الدعم وأفضى الى تبذير مرتفع لمنتوجات الحبوب.
الدعم الحكومي المخصص للحبوب بات مكلفا أكثر
وبين البنك أن الدعم الحكومي المخصص للحبوب بات مكلفا اكثر فأكثر وزادت وتيرته بفعل الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا والتي اثرت على امدادات الحبوب في السوق العالمية.
وارتفعت قيمة الدعم الموجه للحبوب في تونس خلال العشرية الاخيرة نظرا لان الدعم حال دون تأقلم الطلب مع تغيرات الأسعار العالمية للحبوب وفق التقرير.
وبقدر ما أسهمت طريقة الدعم في المحافظة على الأسعار الدنيا وعلى استقرارها لدى المستهلك النهائي الا انها ادت الى نتائج سلبية على مستوى ميزانية الدولة.
ولئن اقدمت الحكومة على رفع أسعار الانتاج خلال افريل 2022، الا ان ذلك يبقى دون مستويات الاسعار المتداولة عالميا، وقد جعل نظام مراقبة الأسعار عملية تحويل الحبوب اقل تنافسية مقارنة بقطاعات غذائية تحويلية اخرى لا تخضع لتحديد الاسعار، وفق التقرير.
وأصبح نظام الدعم في تونس اكثر كلفة ليس فقط على مستوى الميزانية بل كذلك على مستوى العجز التجاري مما جعله أقل قدرة على مجابهة الصدمات على غرار الوضعية التي يمر بها حاليا.
وألقى ارتفاع الاسعار على المستوى الدولي بثقله، إلى جانب التأثير على ميزانية الدولة، على الواردات مما أفضى الى ارتفاع مستمر لقيمة واردات تونس من الحبوب في ظل استمرار صعود وتيرة الاستهلاك.
وارتفعت واردت ديوان الحبوب في تونس من 5ر1 مليار دينار سنة 2019، والتي تشكل 2ر1 المائة من الناتج الداخلي الخام الى 4ر2 مليار دينار سنة 2021 مما يمثل زهاء 8ر1 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.
وتوقع التقرير أن ترتفع قيمة واردات تونس من الحبوب إلى 5ر4 مليار دينار سنة 2022 اذا ما تواصلت الأسعار العالمية عند معدل الاسعار المتداولة خلال 5 اشهر الاولي من العام الجاري.
وات