اختر لغتك

بعد الإنهيار التاريخي للدينار: هل تقف تونس على حافة الإفلاس؟

بعد الإنهيار التاريخي للدينار: هل تقف تونس على حافة الإفلاس؟

سجل الدينار التونسي، العملة النقدية الرسمية للبلاد منذ دولة الإستقلال، خلال الفترة الأخيرة، انهيارا حادا وغير مسبوق أمام العملتين الأساسيتين في العالم، الدولار واليورو، حيث تجاوز 2,152 م مقابل الدولار و 2,472 م مقابل اليورو، وفق أحدث مؤشرات صادرة عن البنك المركزي.

الهبوط القياسي للدينار التونسي, خلال شهر جوان 2016، بلغ أعلى مستوياته مقابل الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي، مما سيؤدي، وفق خبراء، إلى ارتفاع حجم العجز التجاري وتزايد كلفة الديون الخارجية للبلاد التي بلغت حوالي الـ 55 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

خبراء الإقتصاد أكدوا أن انهيار العملة التونسية الرسمية أمام الدولار واليورو سيساهم كذلك في حدة التضخم وارتفاع تكلفة الواردات التونسية من الخارج، وهو ما لا يمكن أن يتحمله بلد منهك اقتصاديا خلال السنوات الأخيرة مثل تونس.

وعلل محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري الإنهيار الحاد وغير المسبوق للدينار بهشاشة الوضع الاقتصادي وانعدام نسبة النمو ونقص مداخيل البلاد من العملة الصعبة.

وأوضح العياري، خلال جلسة استماع عقدتها لجنة المالية والتخطيط والتنمية بالبرلمان مؤخرا، أن انحدار العملة الوطنية إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار و اليورو "يختزل الوضع الاقتصادي الحالي" لبلاده، مقدما في السياق ذاته وعودا بأن السلطات النقدية ستركز جهودها على التخفيف من حدة حالة التذبذب التي يعيشها الدينار التونسي خلال هذه الفترة.

في المقابل أشارت وثيقة رسمية مسربة تحت عنوان "وثيقة النوايا" صادرة بتاريخ 2 ماي 2016 عن وزير المالية سليم شاكر ومحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري، وموجهة إلى صندوق النقد الدولي, إلى تعهد السلطات التونسية للجهات المانحة بالتخفيض من سعر الدينار إزاء الدولار واليورو, وهو ما نفاه محافظ البنك المركزي في تصريحات صحفية مؤخرا.

وبتاريخ 12 جوان، أعلن العياري أن تونس ستتمكن من تحقيق 10 أيام احتياطي إضافية من العملة الصعبة، والمقدر بـ 109 يوما، وذلك بحصولها في منتصف جويلية 2016، على القرض الرقاعي بقيمة 500 مليون دولار من السوق العالمية، علما وأن القرض المذكور هو بضمانات أمريكية.

في حين وصف الخبير الإقتصادي وعضو لجنة المالية بالبرلمان عن كتلة الجبهة الشعبية المعارضة فتحي الشامخي أن القرض الرقاعي بقيمة 500 مليون دولار الذي ستحصل عليه تونس من السوق العالمية بـ "المسموم" و " الضار" بإقتصادها الوطني. وأشار الشامخي إلى أن نسبة الفائض في القرض الرقاعي ستبلغ 59 بالمائة على مدى 10 سنوات.

وبحسب إحصائيات رسمية بلغ حجم الدين الخارجي التونسي 6 مليار دينار, ينضاف إلى ذلك ارتفاع حاد في حجم ظاهرة التجارة الموزاية التي بلغت ما يناهز الـ 54 بالمائة من حجم الاقتصاد الرسمي و غياب الإستثمارات الأجنبية, مع عجز حاد للصناديق الاجتماعية واقتراب بنوك عمومية من حافة الإفلاس, هو ما يجعل البلاد تدخل في مسارات اقتصادية غير محمودة العواقب حتى أن خبراء اقتصاد في تونس على غرار معز الجودي أطلقوا صيحات فزع محذرين من اقتراب بلادهم من النموذج اليوناني.

وفي هذا الإطار, قال الخبير الاقتصادي معز الجودي إن جل الخبراء كانوا قد نبهوا طيلة السنوات الأخيرة من خطورة تدهور المؤشرات الإقتصادية في تونس. ولاحظ أن نسبة النمو الإقتصادي في بلاده بالنسبة للثلاثية الأولى من سنة 2016 قدرت بـ 0,4 بالمائة، مبينا في سياق متصل أن العجز التجاري للدولة التونسية بلغ 5 مليارات حتى ماي 2016، أي أن نسبة العجز التجاري لبلاده تبلغ المليار شهريا.

وأرجع الجودي عوامل الهبوط الحاد للدينار التونسي وللإقتصاد عموما بأن تونس تحولت من بلد منتج إلى بلد استهلاكي ويفتقر للاستثمار، سواء المحلي أو الأجنبي.

وتابع الخبير الإقتصادي بأن البنك المركزي التونسي لم يعد بإمكانه التدخل لتعديل سوق الصرف نظرا لضعف الإحتياطي المسجل من العملة الصعبة.

وفي 9 جوان 2016، صادق البرلمان التونسي خلال جلسة عامة على مشروع قانون المؤسسات المالية والبنوك برمته بموافقة 107 نائبا وتحفظ 8 واعتراض نائب واحد، وفي غياب نواب أحزاب المعارضة الذين قاطعوا الجلسة العامة، معلنين أنهم سيطعنون في دستورية القانون المذكور الذي رأوا أنه يمس باستقلالية البنك المركزي و السيادة التونسية.

ويعتبر خبراء أن تونس، وأمام عجز ميزانها التجاري وضعف الإستثمار الأجنبي وغلاء الأسعار، في طريق التدحرج نحو مرحلة "الإنكماش التقني" التي تسبق مرحلة الإفلاس، على غرار النموذج اليوناني.

ويرى مراقبون أن الدولة التونسية قد تجد نفسها عاجزة خلال السنوات المقبلة، خاصة سنتي 2017 و 2018، وتشير القراءات الاقتصادية المختلفة أن هاتين السنتين من ضمن السنوات العجاف المقبلة على البلاد، عن تسديد ديونها الخارجية وخلاص أجور موظفيها.

 

آخر الأخبار

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

Please publish modules in offcanvas position.