الصفحة 1 من 4
بالرغم من أن مخاطر السموم مُوثقةٌ على نحو مُحكم علمياً، فإن ذلك لا ينفي أن لهذه المواد المميتة القدرة على إنقاذ حياة الناس كذلك.
للسموم صفةٌ مُمَيزةُ للغاية في رأي خبير السموم زولتان تاكاكس، الذي يقول إن هذه المواد هي الجزيئات الوحيدة على وجه الأرض التي "اختارتها آليات التطور بوضوح لتكون قادرةً على إزهاق روح إنسان في أقل من دقيقة واحدة".
ففي عام 2015 مثلاً، أفادت تقديراتٌ أعدها دافيد واريل، إخصائي طب المناطق الحارة في جامعة أكسفورد، بأن أكثر من 200 ألف حالة وفاة تُسجل سنوياً بسبب لدغات الثعابين.
وبرغم أن عملية تطوير وابتكار مضادات جديدة للسموم تُشكِّل كفاحاً مستمراً يخوضه الباحثون والعلماء، فإن هؤلاء اكتشفوا كذلك أن المواد السامة الموجودة في سموم الثعابين والأفاعي، يمكن أن تساعد كذلك في معالجة الكثير من الأعراض المرضية، كما أن هناك الكثير من العقاقير الطبية التي تم تحضيرها من هذه السموم أصبحت قيد الاستخدام بالفعل في الوقت الراهن.
وسنتحدث في السطور التالية عن أربعة من الكائنات الحية التي تُستخدم السموم التي تفرزها لفائدة الجنس البشري.
يُستَخْدم مصطلح "سم الثعابين" للإشارة إلى مجموعةٍ واسعةٍ من السموم المختلفة، التي يؤدي بعضها إلى وفاة ضحاياه بسرعة، بينما يستغرق البعض الآخر وقتاً أطول لكي يُحْدِثَ ذلك.
وتنفث غالبية الثعابين سمومها من خلال أنيابها، التي تعمل بطريقةٍ مماثلة لعمل المحاقن الطبية. فبمجرد اختراق الناب لحم الضحية، يُنفَثْ السم عبره ويصل بشكلٍ مباشرٍ إلى مجرى دم الفريسة.
ثمة استثناءٌ في هذا الشأن، يتمثل في الثعابين التي تبصق السم مثل الكوبرا الموزمبيقية الباصقة "نايا موسامبيكا".
ونظراً لوجود هذا التنوع في سموم الثعابين والأفاعي، تختلف الاستخدامات الطبية المحتملة لها والكامنة فيها من ثعبانٍ لآخر ومن أفعى إلى أخرى.
وفي الوقت الراهن، تُستخدم العقاقير الطبية التي تحتوي على مواد مُستخلصةٍ من سموم الثعابين في علاج المشكلات الصحية التي تصيب الشرايين التاجية.
ويقول تاكاكس في هذا الشأن إن سموم الثعابين تمثل مصدراً لبعض المواد المُستخدمة لتحضير بعضٍ من أفضل الأدوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والإصابة بالأزمة القلبية.
ويضيف الرجل أن من الممكن القول إن أفعى جاراراكا السامة - التي تنتمي إلى فصيلة أفاعي الحُفَرْ - والمعروفة علمياً باسم "بوثروب جاراراكا"، هي الحيوان الذي أنقذ أكبر عددٍ من الأشخاص من الموت في تاريخ البشرية مُقارنةً بأي حيوانٍ آخر.
فهذا الحيوان يشكل مصدراً لنوعٍ من العقاقير الطبية المُثبطة للإنزيم المُحوِّل للأنجيوتنسين، وهو هرمون يُسبب ضيق الأوعية وارتفاع ضغط الدم.