اختر لغتك

كورونا يضع تونس أمام تحدّي تحديث مستشفياتها

كورونا يضع تونس أمام تحدّي تحديث مستشفياتها

مراقبون يرون أن إنقاذ المنظومة الصحية في تونس رهين الإرادة السياسية.
 
كشف تفشي وباء كورونا حجم النقائص التي تعتري المنظومة الصحية في تونس واختلال الخدمات الاستشفائية بين مدنها رغم وعود الحكومات منذ ثورة يناير 2011 بالتدارك. ويرى القائمون على المنظومة الصحية أن تحديث المستشفيات العمومية بات ضرورة ملحة تستوجب إرادة سياسية على الرغم من الأزمة الاقتصادية.
 
تونس – وضع وباء كورونا الحكومة التونسية الجديدة أمام تحديات هائلة تجاه المنظومة الصحية برمتها وألقى على عاتقها طرح مخطط لإعادة هيكلتها بشكل يتلاءم مع طموحات المواطنين، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية رجح صندوق النقد الدولي أن تتفاقم خلال هذا العام مدفوعة بأسوإ انكماش اقتصادي منذ الاستقلال في 1956.
 
وتشكو المنظومة الصحية في تونس تدهورا حادا في البنية التحتية والخدمات الصحية والأجهزة الاستشفائية تعمق بعد ثورة 2011 مع تعاقب حكومات أهملت الاعتناء بقطاع الصحة العمومية متعللة بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بعد الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
 
ويعزو مراقبون تدهور المنظومة الصحية في تونس إلى الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فيما تتهم أطراف حزبية حكومات تونس المتعاقبة بإغراق البلاد في دوامة اقتراض استهلاكية حالت دون تخصيص أموال للاستثمار في البنية التحية الصحية. وأكّد رئيس لجنة الصحّة السابق بالبرلمان والطبيب سهيل العلويني في تصريح لـ”العرب”، أنّ “تونس تحتاج إلى مراجعة شاملة لمنظومة الصحّة بفرعَيها العمومي والخاص، وأنّ وباء كورونا أثبت أنّ الاستثمار في الصحة ضروري جدا، ولا بدّ أن تعيد تونس النظر في سياستها الصحية والطبية المستقبلية”.
 
ولفت العلويني إلى “ضرورة الشراكة بين القطاعين الخاص والعام باعتبار توفر كوادر طبية وشبه طبية على درجة عالية من الكفاءة، فضلا عن تطوير البحوث العلمية وتحقيق التكامل بين المنظومتَين لتمكين المواطنين من حقهم الدستوري في النفاذ إلى علاج جيّد وبناء منظومة صحيّة متماسكة”.
 
وأشار إلى “أن المنظومة الصحيّة في تونس ما بعد كورونا لن تكون هي نفسها ما قبل تفشي الوباء، مشيدا بالتجربة التونسية في احتواء المرض بأخف الأضرار واجتناب سيناريوهات بعض الدول التي باغتها الفايروس”.
 
وتوفر الصحّة التونسية سنوياً 18 مليون عيادة ومليون عملية جراحية و800 ألف إقامة في المستشفى، وتتكون شبكة المؤسسات الصحية من 29 مستشفى جامعياً و33 مستشفى جهوياً و121 مستشفى محلياً و2080 مركز صحة أساسيّة بكامل أنحاء البلاد. وتنفق السلطات على كليات الطب والصيدلة، حيث يكلّف تعليم طالب طب واحد الدولة نحو 100 ألف دينار تونسي (نحو 35 ألف دولار) سنويا.
 
ويؤكد أطباء في المستشفى الرئيسي لمعالجة المصابين بكوفيد – 19 في تونس أن الوباء سمح بتحديث المؤسسات الصحية العامة ضعيفة التجهيز والتي تفتقر لحسن التنظيم، وذلك بعد مرور شهر على فرض الحجر الصحي الشامل دون تسجيل اكتظاظ في مستشفيات البلاد.
 
وأشارت جليلة بن خليل، نائبة مدير وحدة العناية المركزة والعضو في اللجنة العلمية التي تقدم الاستشارات للحكومة في تصريح لوسائل إعلام محلية، إلى أنه “بالمقارنة مع شهر مارس الفارط يوجد انخفاض في عدد الأشخاص الذين يدخلون المستشفى وعدد المرضى الذين يصلون بحالة خطيرة أو متوسطة الخطورة، وكذلك في عدد المكالمات إلى خدمة المساعدة الطبية الطارئة، وعدد طلبات التدخلات المنزلية”.
 
وأضافت “لا يمكن معرفة ما إذا تخطينا الذروة، لكن بالتوازي مع هذا الانخفاض، توجد مؤشرات عملية تبين السيطرة على الوباء، مؤكدةً أن الأبحاث جارية لمعرفة ما إذا كان التلقيح ضد مرض السلّ أو عوامل أخرى لعبت دورا في ذلك”.
 
وأمام الوضع المأزوم بسبب تفشي الوباء، التجأت السلطات إلى الاقتراض مجددا وإعطاء القطاع الصحي الأولوية القصوى، عن طريق القروض الخارجية والهبات والمساعدات عبر صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي وغيرهما.
 
واقترضت تونس هذا الشهر 743 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، الذي توقع انكماش الاقتصاد التونسي بنسبة 4.3 في المئة هذا العام، لمجابهة تفشي الوباء.
 
وتواجه البلاد التي تعتمد على السياحة في نحو 10 في المئة من دخلها كارثة اقتصادية هذا العام مع توقع فقد عائدات هذا القطاع بسبب قيود السفر وفرض إجراءات العزل العام. وكشفت وزيرة الصحة التونسية السابقة سميرة مرعي وجود 240 سرير إنعاش فقط في جميع المستشفيات العمومية جلها متمركز بمدن الشمال والساحل لقرابة 12 مليون ساكن.
 
وحسب تقرير أصدرته الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة، يبقى عدم المساواة في الخدمات الصحية العائق الأكبر. حيث أن سكان الجنوب والوسط يشتكون من عدم ولوجهم إلى مرفق صحي قريب، وإذا ما بلغوه فإنه لا يتكفل بتلبية حاجياتهم ولا يلائم تطلعاتهم.
 
Tags:

آخر الأخبار

الجيش الوطني يعيد مسبح البلفيدير رماد النسيان إلى تحفة معمارية تستعيد بريقها

الجيش الوطني يعيد مسبح البلفيدير من رماد النسيان إلى تحفة معمارية تستعيد بريقها

فيتامين ب 12: السر الخفي وراء تعبك المزمن وتحسين طاقتك!

فيتامين ب 12: السر الخفي وراء تعبك المزمن وتحسين طاقتك!

كيف تموت الخلايا: اكتشاف طرق جديدة لموت الخلايا يفتح أبواباً جديدة لعلاج الأمراض

كيف تموت الخلايا: اكتشاف طرق جديدة لموت الخلايا يفتح أبواباً جديدة لعلاج الأمراض

اختراق طبي: إيقاف نمو الأجنة البشرية مؤقتاً لزيادة فرص نجاح التلقيح الصناعي

اختراق طبي: إيقاف نمو الأجنة البشرية مؤقتاً لزيادة فرص نجاح التلقيح الصناعي

استشهاد قيادي في حماس بقصف إسرائيلي على مخيم البداوي.. وتصاعد التوتر شمالي لبنان

استشهاد قيادي في حماس بقصف إسرائيلي على مخيم البداوي.. وتصاعد التوتر شمالي لبنان

Please publish modules in offcanvas position.