غموض ردود الحركة بشأن طبيعة علاقتها كحزب بالشركة البريطانية دفع إلى المزيد من التساؤلات في الشارع السياسي عن إيفائها بالضوابط التي يفرضها القانون التونسي.
تونس- أظهر بيان مقتضب لحركة النهضة وتصريحات لقيادي فيها أن الحركة لا تنظر بارتياح إلى تحقيق قضائي تونسي انطلق بعد تقديم الوزير السابق محمد عبو طلبا للتحقيق في قضية اللوبينغ التي أثيرت بعد نشر صورة لمذكرة تقدمت بها شركة علاقات عامة أميركية للإدارة الحكومية الخاصة بالنشاط الأجنبي في الولايات المتحدة.
وقال القيادي في النهضة نورالدين البحيري إن “القضية التي عمل عليها قاضي التحقيق موضوع بحث قضائي منذ الفترة التي يقال إن النهضة كانت تحكم فيها”، بعد أن أشارت الحركة إلى تنقل قاضي التحقيق إلى مقر الحركة في مونبليزير بالعاصمة لمواصلة التحقيق في قضية اللوبينغ.
وأشار البحيري، وزير العدل في فترة الترويكا المثير للجدل، إلى أن أحد قضاة التحقيق جاء إلى المقر المركزي للحركة وسط تونس العاصمة لإجراء أعمال قضائية تتعلق بقضية اللوبينغ، في إشارة إلى اتهام الحركة بالتعاقد مع شركة دعاية أميركية. وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء التركية الأناضول أن “قاضي التحقيق أتى إلى مقر الحركة في كنف احترام القوانين”.
وتابع أن “الحركة قدمت كل ما لديها للقضاء، وهي خطوة عادية طالما هناك قضاء مستعد للقيام بواجبه”، مضيفا “سواء كنا في الحكم أو في المعارضة، مبدؤنا الأساسي هو احترام القضاء والدولة والقانون”.
وأخذت قضية اللوبينغ بعدا أكبر بعد أن قاد تقصّي محكمة المحاسبات بشأن التأثير على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2019 إلى فتح تحقيق في حق حركة النهضة وحزب قلب تونس، وهو حليفها في البرلمان والحكومة التي كان يرأسها هشام المشيشي قبل إجراءات الخامس والعشرين من يوليو الماضي التي قام بمقتضاها الرئيس قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان وحل الحكومة.
وكشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس والقطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي أنه تم توجيه هذه التهم بعد استيفاء الأبحاث الأولية.
وتركز النهضة في دفاعها أمام الاتهامات على أنها “تخضع لإجراءات القانون التونسي وحساباتها وعقودها تتم مراقبتها من قبل محكمة المحاسبات” وأن “النهضة لم تقم بأي تحويلات مالية إلى الخارج، ولم تتلق أي تحويلات أو تمويلات مالية من الخارج”.
لكن بيانات الحركة الرسمية لم توضح طبيعة علاقة الحركة كحزب تونسي بالشركة البريطانية المسجلة باسمها والتي أبرمت عقد العلاقات العامة مع الشركة الأميركية.
وقال مراقبون إن غموض ردود حركة النهضة بشأن طبيعة علاقتها كحزب بالشركة البريطانية دفع إلى المزيد من التساؤلات في الشارع السياسي عن إيفائها بالضوابط التي يفرضها القانون التونسي للاعتراف بالأحزاب وتمويلها، وإن كانت هي المقصودة بتصريحات رئيس الجمهورية التي تحدث فيها أكثر من مرة عن أطراف وشخصيات لديها علاقات بالخارج، أو تستقوي بجهات خارجية للضغط على البلاد.
وسبق أن اتهم قيس سعيد أطرافا سياسية -لم يحددها- بالسعي لإزاحته من الحكم “ولو بالاغتيال”، قائلا إن هذه الأطراف استعانت بالخارج لإزاحته من الحكم. واعتبر أن “من كان وطنيًّا مؤمنا بإرادة الشعب لا يذهب إلى الخارج سرا بحثا عن طريقة لإزاحة رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال، حتى ولو بالاغتيال”.
وكان لافتا أن النهضة أصدرت بيانا مقتضبا أكدت فيه أنه في “إطار التحقيق في ما سمي بقضية ‘اللوبينغ’ التي رفعها محمد عبو ضد حركة النهضة تنقل اليوم (الاثنين) قاضي التحقيق إلى مقر الحركة بمونبليزير لمواصلة عمله، وتؤكد الحركة أنها تحترم القانون في كل أنشطتها”.
وأشار مراقبون محليون إلى أن تنقل قاضي التحقيق وفق موعد مسبق إلى مقر حركة النهضة يحمل رسالة سياسية مفادها “أننا لا نريد الإيقاع بكم بقدر ما نريد أن يعرف التونسي ما يجري”، لافتين إلى أن القضاء الذي تحرر من الضغوط والتعليمات سيجد نفسه في وضع أفضل يمكّنه من تقديم أدلة وقرائن بالسلب أو الإيجاب، بشأن قضية حساسة في تونس، وهي الاستقواء بالخارج سواء في الانتخابات أو في الضغط على الرئيس سعيد للتراجع عن قراراته المتعلقة بتجميد البرلمان وفتح ملفات الفساد المختلفة.