البيانات الرسمية لوزارة المالية والاقتصاد تشير إلى أن الدين العام المستحق على تونس يبلغ 35.7 مليار دولار.
تونس - يتخذ الدين العام في تونس منحنى تصاعديا وهو يسير بوتيرة مثيرة للقلق مما قد يجعل من الوضع الاقتصادي والمالي للبلد أكثر قسوة خلال ما تبقى من العام الجاري في ظل البطء في تقديم التحفيزات اللازمة لإنعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وتعطي البيانات الرسمية التي أظهرها تقرير حديث نشرته وزارة المالية والاقتصاد نظرة فاحصة بشأن التحديات التي تواجه السلطات من أجل الالتزام بسداد القروض وفوائدها، والتي تشكل عائقا أمام انتعاش الاقتصاد.
وأشار التقرير إلى أن الدين العام المستحق على تونس يبلغ قرابة 99.3 مليار دينار (35.7 مليار دولار) في نهاية يونيو الماضي، وهو ما يمثل 81.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مرتفعا بنحو 5.7 مليار دولار عما كان عليه في نهاية العام الماضي.
ويتوزع الدين العام المستحق على البلاد بين نحو 62 مليار دينار (22.3 مليار دولار) دين خارجي، و37.2 مليار دينار (13.3 مليار دولار) دين داخلي.
ومنذ العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد في العام 2015 بدأت تونس في مراكمة الديون بشكل متسارع بعد أن تراجعت إيرادات الخزينة العامة نتيجة شلل قطاع السياحة وركود قطاع الفوسفات وتعثر القطاع الزراعي، وكل هذه المجالات تعد مصدرا مهما للعملة الصعبة.
وقالت وزارة المالية في تقرير بعنوان “النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة خلال يونيو 2021″، إن “الدين العام سجل زيادة مضطردة خلال السنوات الست الماضية”.
وتضاعفت خدمة الديون مرتين تقريبا خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2015 و2021 لتقفز نسبتها من 5.14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 إلى 9.5 في المئة خلال العام الماضي ولتصل هذه النسبة إلى أكثر من 12.8 في المئة منذ بداية العام الجاري.
وتتوقع الوزارة أن يصل الدين العام إلى 109.2 مليار دينار (39.2 مليار دولار) بنهاية العام الجاري، أي ما يعادل نحو 90.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتحتاج تونس خلال هذا العام إلى تمويلات بقيمة تقدر بنحو 19.5 مليار دينار (قرابة 7 مليارات دولار) تشمل قروضا أجنبية بحوالي خمسة مليارات دولار.
ومن المرجح أن تصل مدفوعات الديون المستحقة هذا العام إلى 16 مليار دينار (5.7 مليار دولار)، وهو مستوى قياسي، ارتفاعا من 3.9 مليار دولار العام الماضي و2.86 مليار دولار في 2019. وكانت لا تتجاوز 1.1 مليار دولار في العام 2010.
ويأتي الإعلان عن الأرقام بينما تواجه البلاد تحديات اقتصادية متصاعدة على الرغم من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي بغية تصحيح المسار السياسي الذي أرخى بظلال قاتمة على الاقتصاد المنهك.
وتسعى تونس للحصول على قرض جديد بقيمة 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي حتى يتسنى لها مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي كبلتها التجاذبات السياسية وزادت من أعبائها المشكلة الصحية المنجرة عن تفشي الجائحة، لكن المفاوضات توقفت من الخطوات التي قام بها قيس سعيد.
ورغم كثرة الشكوك حول إمكانية الحصول عليه بالنظر إلى حالات سابقة، يبدو الأمر أشبه بمن يكابد لتسلق جبل وهو لا يملك الأدوات الكفيلة بإنجاح المهمة، وقد ينعكس ذلك على النظام المصرفي ولو أن البلد ليس في محل مقارنة مثلما يحصل في لبنان.
وبعد مفاوضات شاقة استطاعت تونس في 2016 انتزاع موافقة صندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 2.8 مليار دولار ومع ذلك لم تنفّذ التزاماتها المتفق عليها إذ لم تحصل إلا على نصف ذلك المبلغ.
وقبل ذلك التاريخ حصلت في 2013 على قرض من الصندوق بقيمة 1.7 مليار دولار، لكن تونس لم تلتزم بما هو متفق عليه وحصلت على مليار دولار فقط.