التونسيون يواجهون موجة غلاء غير مسبوقة في ساحة انفتحت بعد الثورة على انفلات ومضاربات واحتكار تعجز السلطة عن التصدي له.
تونس – يواجه التونسيون موجة غلاء في الأسعار تفاقمت في العام الحالي مع تدني المقدرة الشرائية للمواطن.
وتحول غلاء المعيشة غير المسبوق إلى جدل وسجالات سياسية وشعبية، بينما لا تملك الحكومة في الوقت الراهن وسائل فعالة لمواجهة هذه الموجة والتخفيف من حدة السخط الشعبي مع تدني المقدرة الشرائية للمواطن.
وفي العادة تلجأ السلطات إلى مراقبة الأسعار في الأسواق والمحلات في محاولات عبثية للتصدي للمخالفين للتسعيرة القانونية التي تحددها مصالح وزارة التجارة. وطالت موجة غلاء الأسعار تقريبا جميع مناحي ومستلزمات الحياة.
ولجأت السلطات منذ سنوات إلى ما يسمى بنقاط البيع من المنتج إلى المستهل وهي مراكز بيع حكومية تبيع بأسعار أقل مما هو متداول خارجها، في محاولة لمواجهة شجع التجار والمضاربين وهو حل أثمر نتائج ايجابية إلا انه غير كاف لسد احتياجات ملايين التونسيين.
والجمعة كشف مسؤول بوزارة التجارة عن افتتاح مركزي بيع جديدين من المنتج إلى المستهلك لتضاف إلى نقطة بيع افتتحت الخميس بمقر شركة اللحوم بمنطقة الوردية القريبة من العاصمة وذلك بهدف تعديل الأسعار.
ونفت وزارة التجارة وجود نقص في التزويد بالخضر والغلال بالسوق البيع بالجملة، موضحا أنه في فترات الشتاء وبسبب سوء الأحوال الجوية يصعب جني بعض المحاصيل وتقل تلك مواد مثل الخضر والغلال في السوق.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية) قد حذر في مطلع فبراير/شباط من تداعيات غلاء الأسعار في تونس على المناخ الاجتماعي.
وعبر عن قلقه من الارتفاع المشط لأسعار العديد من المواد خاصّة الغذائية منها، موضحا في بيان أن ارتفاع الأسعار لا يعكس تطوّر النشاط الاقتصادي ومنظومتي العرض والطلب بقدر ما يعكس ضعف السياسات الحالية في التحكّم في مسار تشكيل الأسعار ومراقبة مسالك التوزيع والحدّ من المضاربات.
ودعا الاتحاد الذي يتمتع بنفوذ سياسي واجتماعي كبير، الحكومة لاتخاذ سلسلة إجراءات العاجلة للتحكم في الأسعار.
ومن الإجراءات التي طالب بها، إطلاق حملة وطنية لمراقبة الأسعار والحدّ من عدد المتدخّلين بين المنتج والمستهلك ومحاربة الاحتكار، إضافة إلى ضرورة دعم الموارد البشرية والمادية لفرق المراقبة بوزارة التجارة وتشجيع المزارعين على تسويق إنتاجهم عبر المسالك القانونية والشفافة.
وأثقل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية كاهل المواطن التونسي بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011 وكان يؤمل منها أن تحقق عدالة اجتماعية والرفاهة للفئات الفقيرة والمهمشة، إلا أنها فتحت أبواب المضاربة والاحتكار.