طالب مسؤول عن الجالية اليهوديّة في تونس السلطات التونسية بعرض نسخة “نادرة” من التوراة (حجزها الحرس الوطني مطلع هذا العام قبل تهريبها إلى الخارج) في متاحف تونسية وأخرى “أجنبية“، منتقدا “تجاهل” تونس طلبات في هذا الشأن تقدّم بها يهود تونسيون وأجانب.
ونقلت اسبوعية “الشارع المغاربي “في عددها الصادر أمس الاثنين 11 سبتمبر 2017 عن المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه قوله “تعود هذه النسخة النفيسية من التوراة إلى القرن 15 ميلادي وهي جزء نفيس من التراث اليهودي، لقد أجرينا اتصالات مع السلطات التونسية من أجل عرضها في متاحف تونسية وأجنبيّة لكنّنا لم نتلق أي جواب إلى حد الآن. نتمنى أن تستجيب الدولة لطلبنا”.
وكانت “الإدارة العامة لمكافحة الإجرام” بإدارة الشؤون العدلية للحرس الوطني في ولاية بن عروس قد حجزت مطلع هذا العام مخطوطة التوراة في “إحدى ولايات الوسط” حيث أوقفت مجموعة أشخاص ينشطون ضمن عصابة تهريب “إقليمية” كانوا يستعدون لتهريب المخطوطة نحو “أوروبا”، حسبما أعلن الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني، العميد خليفة الشيباني، (في مؤتمر صحفي عقده يوم 10 مارس 2017).
ولم يعلن الحرس الوطني عن اسم الولاية التي تمّت مصادرة المخطوطة فيها ولا المكان الذي كانت مخبّأة فيه.
وحسب مواقع إلكترونية يهوديّة، فإنّ مخطوطة التوراة كانت ستُهرّب الى إسرائيل.
توارة مخطوطة على جلد “عِجل جنين“
ويبلغ طول المخطوطة التي كتبت باللغة العبرية 37 مترا وعرضها 37 سنتيمترا.
وتحتوي المخطوطة التي تمّ عرضها على خبراء في اللغة العبرية، على كامل أجزاء التوراة بأسفارها الخمسة، وهي “سفر التكوين”، و”سفر الخروج”، و”سفر اللاويين”، و”سفر العدد”، و”سفر التثنية” في نسختها القديمة الأولى، أي قبل ترتيب وتنظيم هذه الأسفار بالشكل الذي أضحت عليه التوراة في نسختها المتداولة حاليا.
وحسب خبراء في المعهد الوطني للتُّراث، كُتِبت نسخة التوراة هذه، على جلد “عجل جنين” تم استخراجه من أحشاء بقرة قبل شهر واحد من التاريخ الطبيعي لولادته.
وبعد استخراج العجل الجنين، يتمّ سلخ جلده ثم تجفيفه واستخدامه لاحقا في طريقة كان اليهود يعتمدونها حتى تصمد نسخ التوراة قرونا طويلة أمام عوامل الزمن.
ووفق خبراء المعهد الوطني للتراث، تمت كتابة مخطوطة التوراة بحبر وخطّ يستعملان عادة في كتابة التوراة وتفاسيرها الدينية.
اتهامات لتونس بـ“مصادرة التراث الثقافي اليهودي“
وكان المحامي التونسي سهيل فتوح قد اتهم في مقال نشره له موقع dreuz.info (بتاريخ 25 أوت 2017) وزارة الداخلية التونسية بـ”مصادرة التراث الثقافي اليهودي”.
وانتقد الكاتب في المقال الذي حمل عنوان “الدولة التونسية تواصل، في صمت، مصادرة التراث الثقافي اليهودي” رفض معهد التراث التونسي عرض المخطوطة للعموم بمتاحف تونسية أو “تقاسم” عرضها مع متاحف أخرى في العالم مثل “فرنسا وإيطاليا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة وإسرائيل وغيرها”.
واعتبر بأن “إخفاء هذا التراث القافي الثمين” هو بمثابة عملية “سرقة” لإحدى أملاك الجالية اليهودية بتونس.
وقال إن يهودا في “كندا وإسرائيل” سوف يطلبون “قريبا” من “مسؤولي اليونسكو تشجيع المناقشات مع الحكومة التونسية حول مصير هذه المخطوطة، والدفع نحو إمكانية عرضها بمتاحف مختلفة في العالم”. ونقل الكاتب عن البروفسور ديفيد جالولا، المتخصص في تاريخ شمال أفريقيا بجامعة “يونستون” الأمريكية قوله :”يجب أن نؤكد لجاليتنا أن هذه المخطوطة ستبقى ضمن التراث اليهودي، ونحن ننتظر تعاون المسؤولين التونسيين في هذا الاتجاه “.
وأضاف كاتب المقال نقلا عن الأستاذ الجامعي الأمريكي ” سوف نحصل على دعم نوابنا (في البرلمان الأمريكي) الذين سيمارسون، مثلنا تماما، ضغوطا على السلطات في تونس. نحن ندعوهم (النواب) إلى أن يطالبوا بأن يعود هذا المخطوط إلى اليهود”.
وتابع الأستاذ الجامعي الأمريكي “من غير المقبول أن تتركنا السلطات المعنية في تونس، أي وزارتا الداخلية والثقافة وأيضا معهد التراث الوطني، بلا أخبار (حول المخطوطة)، وأن تسلب من اليهود تراثهم وتاريخهم، دون أن تقول كلمة”.