دول عربية وإسلامية وغربية ومؤسسات دولية تحذر من أن نقل السفارة إلى القدس سيطلق غضبا شعبيا واسعا في المنطقة، ويقوض تماما عملية السلام.
دبي ـ استنكرت عدة دول عربية وأجنبية ومنظمات دولية بشدة، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
ولم تتوقف عاصفة الاستنكار عند التصريحات الرسمية، فامتدت إلى فعاليات شعبية رافضة للقرار، شملت عدة دول بينها تركيا، الأردن، ومصر، إلى جانب الحكومة الفلسطينية وقطاع غزة.
ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن بيان لوزارة الخارجية الخميس أن دولة الإمارات تستنكر بشدة القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وجاء في البيان "أعربت الوزارة عن بالغ القلق من التداعيات المترتبة لهذا القرار على استقرار المنطقة لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية والإسلامية نظرا لمكانة القدس في الوجدان العربي والإسلامي".
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، رفض وإدانة بلاده "التصريح غير المسؤول وغير القانوني، للإدارة الأميركية حول القدس"، في إشارة إلى اعتراف واشنطن بالمدينة الفلسطينية عاصمة لإسرائيل.
وشدّد قالن، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، على ضرورة أن يرفض العالم بأسره هذا القرار "الذي ينتهك القانون الدولي والقرارات الأممية"، وعلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
من جانبه، اعتبر المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، أن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، يقضي على محادثات السلام التي تسير بصعوبة، ويفتح باب الفوضى والأزمات بالمنطقة.
غضب عربي
أما الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، فشدد من جهته، على أن مدينة القدس المحتلة "ستبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية".
وأضاف عباس أن "الإدارة الأميركية بإعلانها القدس عاصمة لإسرائيل، اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية".
بدوره، اعتبر الأردن أن القرار الأميركي يمثل خرقاً لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
وشدد على أن الشرعية الدولية تؤكد أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض، وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض لاغية وباطلة.
وأعلن العراق، في بيان لخارجيته، رفض بغداد للقرار، محذراً من أن الخطوة قد تقود المنطقة إلى "ما لا يحمد عقباه".
وعبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن رفض بلاده للخطوة، وقال، في بيان للرئاسة المصرية، إن "القرار يعد مخالفة لقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالوضع القانوني للقدس".
وأضاف البيان أن القرار "يتجاهل المكانة الخاصة التي تمثلها القدس في وجدان الشعوب العربية والإسلامية".
فيما اعتبر الرئيس اللبناني، ميشال عون أن الخطوة الأميركية "خطيرة وتهدد عملية السلام واستقرار المنطقة".
وقال عون في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، إن "موقف ترامب خطير ويهدد مصداقية الولايات المتحدة كراعية لعملية السلام في المنطقة".
وقال رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، إن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، "مرفوض" من بلاده والعالم العربي.
وقال الحريري، في بيان، إن "لبنان يندد ويرفض هذا القرار، ويعلن في هذا اليوم أعلى درجات التضامن مع الشعب الفلسطيني وحقه في قيام دولة مستقلة عاصمتها القدس".
كما اعتبرت تونس أنّ القرار "يهدد جديا بتقويض أسس عملية السلام وجهود استئناف مفاوضات السلام، ويدفع بالمنطقة نحو مزيد من التوتّر وعدم الاستقرار".
رفض عالمي
اتسعت دائرة الاستنكار الدولي لتشمل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
وقال غوتيريش، في مؤتمر صحفي بنيويورك، إن مدينة القدس من ملفات الوضع النهائي للقضية الفلسطينية، ويجب حلها من خلال المفاوضات المباشرة على أساس القرارات الأممية.
وأعطت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية، فيديريكا موغريني، ضمانات للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأنه لن يكون هناك تغيير في "الموقف الثابت" للاتحاد حول وضعية القدس.
وعبرت موغريني عن "القلق البالغ" للاتحاد الأوروبي جراء قرار ترامب بشأن القدس.
وأعلن وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، أنجيلينو ألفانو، معارضة بلاده للقرار الأميركي.
وأعرب "ألفانو"، في كلمة بثّها التلفزيون الحكومي، عن القلق إزاء القرار، والتأكيد على عدم التراجع عن السلام القائم على حل الدولتين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن قرار ترامب "مؤسف ومخالف للقوانين الدولية"، داعيا إلى "الهدوء وتفادي العنف".
وأوضح ماكرون، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الجزائرية، أن قرار ترامب "الأحادي الجانب من شأنه تعقيد الوضع في المنطقة".
بدورها، قالت الحكومة الألمانية، في بيان مقتضب، إن وضع مدينة القدس تقرره مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في إطار حل الدولتين.
وأعربت الحكومة الباكستانية عن إدانتها ومعارضتها الشديدة للقرار الأميركي، بحسب بيان لمكتب رئاسة الوزراء. واعتبر البيان أن القرار "يوجه ضربة قاسية لعملية السلام في الشرق الأوسط".
واعتبر وزير الخارجية الهولندي، هالبه زيليسترا، أن "الحل الوحيد (لقضية القدس) هو خطة حل الدولتين، التي تنص على أن القدس مدينة يتقاسمها الفلسطينيون والإسرائيليون".
أنوار المسجد الأقصى
اتسعت دائرة الاستنكار خارج التصريحات الرسمية، فانطفأت الأنوار في باحات المسجد الأقصى تزامنًا مع إعلان ترامب، اعتراف بلاده بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.
وشارك الآلاف من الفلسطينيين بقطاع غزة، في مسيرة، رفضاً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفي تركيا، تظاهر مئات المواطنين الأتراك، أمام القنصلية الأميركية في مدينة إسطنبول، رفضاً لقرار الرئيس الأميركي.
ورفع المشاركون في المظاهرة، التي دعت إليها منظمات تركية داعمة للقضية الفلسطينية، الأعلام التركية والفلسطينية، إلى جانب راية حركة "حماس" الفلسطينية.
وفي مصر، نظم عشرات المواطنين، وقفة احتجاجية، على درج نقابة الصحفيين، بوسط القاهرة؛ تنديدا بنقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة.
كما شارك عشرات الصحفيين والنشطاء السياسيين، في الوقفة التي امتدت نحو 15 دقيقة، قبل أن تنتشر قوات الأمن بمحيطها، دون أن تشتبك مع المنظمين.
وشهدت عدة مدن أردنية، مظاهرات احتجاجية، ضد خطوة ترامب.
ففي مخيم البقعة (شمالي عمان) الخاص باللاجئين الفلسطينين، خرج العشرات في مسيرة منددة بالقرار وسط هتافات تحيي القدس وفلسطين.
وفي مدينة معان أقصى الجنوب، نقلت مواقع إخبارية محلية قيام مواطنين هناك بتنظيم مظاهرة مشابهة ضد القرار الأميركي.
ومساء الأربعاء، أعلن ترامب في خطاب متلفز من البيت الأبيض، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة استنادًا لقرارات المجتمع الدولي.