اختر لغتك

شهادة مسؤول أمني حول الإرهاب تثير جدلا واسعا في تونس

شهادة مسؤول أمني حول الإرهاب تثير جدلا واسعا في تونس

لا يزال الغموض يحيط بملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، ولئن أجمع مراقبون على تحمل الحكومات التي باشرت الحكم بعد ثورة يناير 2011 مسؤولية تورط الشباب في الإرهاب فإن شهادة الناطق الرسمي الأسبق بوزارة الداخلية هشام المدب خلال جلسة استماع له، أكد فيها عودة 117 إرهابيا إلى البلاد، تفتح دائرة التساؤل من جديد. غير أن لجنة التحقيق بالبرلمان تشكك في صحة ما ذكره المدب لافتقاده إلى وثائق تدعم أقواله.

 

تونس - أثارت شهادة هشام المدّب الناطق الرسمي السابق لوزارة الداخلية في فترة الرئاسة السابقة، خلال جلسة استماع بلجنة التحقيق البرلمانية بشأن شبكات التسفير إلى بؤر التوتر، جدلا واسعا في تونس.

وقدم المدب معطيات جديدة في ملف تسفير الشباب وقال إن “117 إرهابيا عادوا من بؤر القتال إلى البلاد عام 2012، لتعزيز ودعم الجماعات الإرهابية المتمركزة في جبل الشعانبي التابع لمحافظة القصرين”.

كما اعتبر المسؤول الأمني أن السلم الاجتماعي بات مهددا، وأرجع ذلك إلى أن “60 بالمئة من السلاح الموجود بحوزة بعض المواطنين لم يقع استرجاعه من قبل الجهات الأمنية”. وأوضح المدب أنّ “الجهات الأمنية لم تحجز سوى 40 بالمئة فقط من السلاح”، معربا عن “تخوفه من استعمال هذا السلاح في أعمال شغب خاصة في بعض المناطق الحدودية”.

واعتبر متابعون أنّ شهادة المدّب أمام البرلمان لم تُجب بشكل كاف عن نقاط مُلتبسة في ملف يحمل هذه الخطورة. ويضيف هؤلاء أن تصريحات المدب يحيطها غموض وشكوك خاصة أنه تراجع عن قضايا كان قد رفعها عام 2012، ضدّ قيادات أمنية بتهم هرسلته ومحاولة إسكاته في ملف الإرهاب.

وقالت ليلى الشتاوي النائبة بالبرلمان ومقررة بلجنة التحقيق في تسفير الشباب إلى بؤر القتال لـ“العرب” إنّ “شهادة هشام المدّب لم تكن واضحة بالشكل الكافي ولم تجب عن أسئلة أعضاء لجنة التحقيق”.

ولجنة التحقيق في شبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر هي لجنة برلمانية تم الإعلان عن تشكيلها في يناير 2017 بعد طلب تقدمت به النائبة ليلى الشتاوي.

ولفتت الشتاوي إلى أن “شهادة المدب اقتصرت عل تأكيد دوره في إعلام وزير الداخلية بخصوص ملف الطائرة الخاصة التي أعادت 117 إرهابيا إلى تونس”. ورأت أن “المسؤول الأمني ألمح فقط إلى اقتصار وزارة الداخلية على وضع الإرهابيين العائدين محلّ تفتيش ومراقبة”.

وتساءلت النائبة عن كتلة الحرة حول حقيقة تراجع المدّب عن مقاضاة بعض القيادات الأمنية التي دفعته إلى السكوت في ملف له تداعيات خطيرة على أمن البلاد. وبينت أنه “اكتفى بالقول إنه تراجع عن القضية عندما ارتأى له أنه تسرّع وأخطأ التقدير”.كما أوضحت الشتاوي أن “المدّب لم يقدّم قرائن ملموسة أو وثائق تُثبت إفادته خاصة في ما يخص النسبة التي قدرها لمن يحملون السلاح في البلاد”. واعتبرت أن “الشهادة لم تكن علمية أو متطابقة مع مقتضيات مركزه الأمني الذي يستوجب بالضرورة الإدلاء بقرائن ومعطيات علمية دقيقة وموثّقة”.

وتابعت “هشام المدّب سقط في جملة التناقضات حين قدّم نفسه خلال الجلسة على أنه خبير في مكافحة الإرهاب والحال أنه لا أساس لذلك من الصحة”.

ويُتّهم الناطق الرسمي الأسبق لوزارة الداخلية من قبل جهات أمنية وسياسية في تونس بمحاولات التستّر على العديد من الأطراف في ملفات الإرهاب في فترة الرئاسة السابقة.

والفترة تمتد من 2012 إلى 2014، وهي فترة إشراف منصف المرزوقي على رئاسة الجمهورية بمشاركة حزب النهضة في تسيير دواليب الحكم. ويرى متابعون أن الأحزاب الحاكمة في تلك الفترة تتحمل مسؤوليتها عن استشراء ظاهرة الإرهاب خاصة وأنها الفترة التي سافر فيها الآلاف من الشبان إلى مناطق القتال.

وحذر المدب خلال جلسة الاستماع الأخيرة من تداعيات توجيه التهم إلى أحد الأحزاب السياسية بالتورط في الإرهاب على الاستقرار.

ولفتت الشتاوي إلى أن “المدّب نفى خلال شهادته أن تكون هناك شبكات تسفير في تونس تورّطت في التغرير بالآلاف من الشبان وإرسالهم إلى بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق”. واعتبرت أنه “قدّم شهادة منقوصة لم تستند إلى أي أدلة أو وثائق تدعّمها”.

من جهته فند عصام الدردوري النقابي الأمني التونسي ورئيس منظمة الأمن والمواطن لـ“العرب” مستندا إلى معطيات أمنية، زعم المدب أن “تكون الأجهزة الأمنية قد اقتصرت على استرجاع 40 بالمئة فقط من الأسلحة”.

وأشار إلى أن “الناطق الرسمي الأسبق لوزارة الداخلية لم ينف ما كان قد أدلى به سابقا حول قضية عودة 117 إرهابيا إلى تونس على متن طائرة خاصة”. واعتبر الدردوري “أن اللبس في شهادة المدّب يتعلّق أساسا بتراجعه عن رفع قضايا ضد قيادات أمنية هرسلته وضغطت عليه”.

وتناولت جلسة لجنة التحقيق البرلمانية ملفا آخر مثيرا للجدل بالرأي العام، يتمثل في إقدام رئيس فرقة الطائرات بمطار تونس قرطاج في فترة الرئاسة السابقة عبدالكريم العبيدي بمقاضاة النقابي الأمني عصام الدردوري بتهمة الاعتداء على أمن الدولة.

والمسؤول الأمني عبدالكريم العبيدي كان رهن الإيقاف حيث اتهم في قضية اغتيال النائب محمد البراهمي يوليو 2013، قبل أن يتم إطلاق سراحه في أبريل 2016.

وأوضح الدردوري أن “العبيدي يقاضيني لأني كشفت وثائق تحت قبة البرلمان وتناسى أني شاهد ومحمي بالقانون”. وأضاف “كان على العبيدي أن يعارض ما قدّمته للجنة التحقيق البرلمانية بالحجج والوثائق وليس بسياسة الهروب إلى الأمام”.

ويواجه الدردوري تهم التآمر على أمن الدولة بسبب تسريبه وثائق رسمية تثبت دور مسؤولين من الأمن التونسي في التورط في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر.

وكشفت الشتاوي أنّ “العبيدي بدوره سيُدلي بشهادته للجنة التحقيق خلال الجلسة القادمة الأسبوع القادم”.

ويشير مراقبون إلى أن استدعاء كل من الناطق الرسمي الأسبق لوزارة الداخلية هشام المدّب وعبدالكريم العبيدي رئيس فرقة الطائرات بمطار تونس قرطاج في فترة حكم “الترويكا” يثير مخاوف عدد من النواب وأعضاء لجنة التحقيق في تسفير الشباب إلى بؤر التوتّر، باعتبار أنهما متهمان بالتقّرب من حزب حركة النهضة الإسلامية.

ويحذّر المراقبون من مغبة الضغط على أعمال اللجنة بغرض خدمة أجندات سياسية، خصوصا أنه لم تقع الاستجابة لدعوات إلى التحقيق أرسلت إلى عدة وزراء في حكومة الائتلاف الحاكم (الترويكا) عام 2013 في مقدّمتهم وزير الداخلية الأسبق علي العريض ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي ووزير العدل الأسبق نورالدين البحيري ووزير الشؤون الدينية نورالدين الخادمي منذ أبريل 2017 إلى الآن.

ودعت الشتاوي إلى “الكف عن محاولات توجيه اللجنة البرلمانية إلى منحى خطير قد يُصعب عملية كشف الحقائق بخصوص المتورطين” وإلى “تغليب المصلحة الوطنية دون الامتثال للحسابات الحزبية الضيقة”.

 

آخر الأخبار

قمر بن عثمان لاعبة كرة اليد بالجمعية النسائية بالحمامات ..تألق وتميز عن جدارة

قمر بن عثمان لاعبة كرة اليد بالجمعية النسائية بالحمامات ..تألق وتميز عن جدارة

التاكسي في تونس هو مرآة للفوضى الاجتماعية وأزمة في القيم

التاكسي في تونس هو مرآة للفوضى الاجتماعية وأزمة في القيم

في تونس نحن لا نبحث عن إرادة سياسية، بل في حاجة إلى إرادة وطنية بقيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد

في تونس نحن لا نبحث عن إرادة سياسية، بل في حاجة إلى إرادة وطنية بقيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد

مالك سعادة يلتحق بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة استعداداً للتصفيات الإفريقية

مالك سعادة يلتحق بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة استعداداً للتصفيات الإفريقية

رحيل صادم: البطل التونسي رامز بوعلاقي يغادر المنتخب الوطني في إسبانيا

رحيل صادم: البطل التونسي رامز بوعلاقي يغادر المنتخب الوطني في إسبانيا

Please publish modules in offcanvas position.