موظف الاستخبارات الأميركية السابق يتحدث في مقابلة حصرية مع قناة فرانس 24 عن حياته الشخصية وهروبه إلى روسيا وأنشطته الحالية.
باريس - أجرت قناة فرانس 24 مقابلة خاصة وحصرية مع إدوارد سنودن، تحدث خلالها عن أشخاص أنقذوا حياته في هونغ كونغ، وتكشف تفاصيل جديدة عن طريقة عيشه وما يخفيه من معلومات ووثائق من ضمن الـ1.7 مليون وثيقة التي تحصل عليها قبل مغادرته هاواي، والتي حوّلته إلى إحدى أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم.
وتأتي هذه الحلقة بمناسبة مرور ستة أعوام على كشف سنودن لمنظومة شاملة للتجسّس على الناس في الولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم، وفضح المراقبة الضخمة للإنترنت التي تقوم بها وكالة الأمن القومي. وقد تسبب ذلك في فضيحة كبرى أدت إلى غضب جماهيري عريض.
وتجمع هذه الحلقة بين الحوار المباشر مع موظف وكالة الأمن القومي الأميركي السابق الذي يواجه اتهامات بالتجسس بعدما سرّب تفاصيل برامج المراقبة السرية في الولايات المتحدة، وعَرض برنامجا وثائقيا يحمل عنوان “ملائكة سنودن”.
و”ملائكة سنودن” هي إحالة على كل من ساعد سنودن على الهروب بعد أكبر عملية تسريب للمعلومات في تاريخ الولايات المتحدة. ومن بين هؤلاء “الملائكة” الذين تحدث عنهم البرنامج أربعة من طالبي اللجوء في هونغ كونغ (أغيث بوشباكومارا، سوبون كيلاباثين، ناديكا كيلاباثين وفانيسا روديل) استضافوا سنة 2013 موظف وكالة الأمن القومي الأميركي السابق أثناء هروبه.
كانت فكرة إخفاء سنودن، الذي يعتبره البعض خائنا، ويعتبره كثيرون بطلا وطنيا وقف في وجه “الأخ الأكبر”، من اقتراح محاميهم روبرت تيبو، حيث لا يمكن لأحد اكتشاف مخبئه وسط اللاجئين في هونغ كونع. وهو مجتمع، داخل المجتمع، مُحتقر ومُهمّش في مدينة ضخمة مترامية الأطراف.
وفي ذلك الوقت، كان إدوارد سنودن من أكثر الرجال المطلوبين على سطح هذا الكوكب، لأنه كشف للتو عن أكبر فضيحة تجسّس قامت بها وكالة الأمن القومي الأميركي. وفي بيوتهم الصغيرة المتواضعة، قدم طلاب اللجوء الأربعة المأوى والطعام والعناية لإدوارد سنودن لمدة 13 يوما.
تمكنت فانيسا رودل من الوصول إلى كندا مع ابنتها ولكنّ “ملائكة سنودن” الثلاثة الآخرين، مازالوا ينتظرون قبول طلب لجوئهم ويخشون على حياتهم.
إلى جانب “ملائكة سنودن”، تعرض الحلقة تفاصيل عن حياة سنودن وتبحث معه بعد ستة أعوام من فضيحة التجسس التي فضحها، وهل ما زالت الوكالة الأميركية تتجسس على المواطنين والقادة بجميع أنحاء العالم وهل يتم سماع وتسجيل المكالمات الهاتفية ومكالمات الإنترنت وهل بالفعل تقوم الشركات العملاقة بحماية البيانات الرقمية للأفراد كما تدعي؟
ويتحدث موظف الاستخبارات الأميركية السابق عن حياته الشخصية، هروبه إلى روسيا وأنشطته الحالية، وكيف يعيش على ما يجنيه من المحاضرات التي يقوم بها لصالح شركات وجامعات. وتحدث سنودن في الحلقة، التي تحصلت “العرب” على ملخّص نسختها الأولى قبل العرض، عن أنه دمّر كل ما كان يملكه من وثائق، والتي شارك المئات منها الصحافيين.
وقال إنه قبيل مغادرته هونغ كونغ قام بإتلاف كل الوثائق، مبررا ذلك بقوله “حتى لا تقع بين أيادي هذه الحكومة أو تلك”. وأضاف أن “أفضل حماية للمعلومات هي عدم الاحتفاظ بها”. وكان سنودن التقى بالصحافيين الذين اطلعوا على ما تحتويه الوثائق السرية التي كانت بحوزته في غرفة بفندق في هونغ كونغ. وقال سنودن إنه دقّق في كل وثيقة قبل الكشف عنها ليتأكد من أنها تخدم المصلحة العامة.
وبخصوص تأثير ما قام به قبل ستة أعوام على وكالة الأمن القومي الأميركي وهل تمت إعادة النظر في برنامج المراقبة، قال سنودن إنه كان لخطوته تأثير كبير وتمت فعلا إعادة النظر إلا أن ذلك لم يحدث بالطريقة التي نرغب فيها وبصورة عميقة ومنهجية، فعملية التجسس في حد ذاتها لم تتغير أو تنتهي، بل ما تم القيام به هو شرعنتها أي عبر تقنينها.
وتحدث سنودن عن “العقود الشيطانية” بين الشركات ووكالة الأمن القومي، ومختلف الوكالة الاستخباراتية في أنحاء العالم. وكيف تتم مراقبة الناس والتجسس عليهم. وبسبب هذا الكشف يأتي اسم إدوارد سنودن اليوم على لائحة أهم المطلوبين في الولايات المتحدة.
وفي يونيو 2013، توجه سنودن إلى العاصمة الروسية، أين بقي عالقا في المطار بسبب إلغاء جواز سفره الأميركي. وانتهى عقد عمله رسميا بعد شهر من مغادرة بلده. ومنحته روسيا اللجوء المؤقت لمدة سنة كاملة، ثم تصريحا يمنحه حق الإقامة لمدة ثلاث سنوات.
ومنذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تحدث كثيرون عن إمكانية أن يكون سنودن “هدية” الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الأميركي. وقال مسؤول استخباراتي أميركي رفيع إن “عملية تسليم سنودن هي واحدة من الحيل المتنوعة للتقرب من ترامب”.
لكن لم يتم ذلك، إلى الآن على الأقل. وقد تحدث سنودن في حواره عن فرضية تسليمه من قبل الروس، وقال إنه يدرك أنه في أي وقت قد يقرر بوتين تسليمه إلى ترامب الذي يصفه بكونه “خائنا يستحق عقوبة الإعدام”. ولو حدث ذلك فسيخضع سنودن لمحاكمة لا يعتقد أنها ستكون عادلة وذلك لأنها ستتم بموجب قانون التجسّس الأميركي لعام 1917.
ويشرح سنودن هذا القانون، مشيرا إلى أنه لا يسمح للمتهم بأن يدافع عن نفسه أو يبرّر ما قام به أو يشرح للمحلّفين تفاصيل عمله. ويضيف أن هناك إجراءات محاكمة غريبة تفرض الجلسات المغلقة والشهادات السرية، وبالتالي هذا لا يشكل محاكمة عادلة.