الصفحة 2 من 4
التدخل في الجوار
أمام التصعيد المتزايد، تقدم كل تطورات السياسة الخارجية التركية في تعاملها مع جوارها شواهد كافية على أن هذه السياسة تحاول الاستفادة من إشعال الشرق الأوسط عبر صب الزيت على النار، وأيا كان الهدف النهائي لتركيا في العراق وسوريا وليبيا وشرق المتوسط، إشعال حرب شاملة، أو تأجيج التوتر، وتأزيم الموقف بحثا عن صفقات مشبوهة في بلدان تعاني أصلا من حالات الاحتقان السياسي والديني، فإن تداعيات وعواقب ما تقوم به تصب في خلخلة التوازنات الإقليمية الراهنة وخلط الأوراق.
كل هذا يعني خلق حالة اضطراب مستمرة، وربما فوضى غير محدودة النطاق، حيث اتضح بالملموس هذا النهج العدائي في احتلال المنطقة من جرابلس إلى عفرين فإدلب والهجوم على شمال شرق الفرات، ما يُذكر في الحقيقة بأطماع تاريخية مكرسة في حدود خارطة الميثاق الملي التركي لعام 1920، والخاص باستعادة شمال سوريا تحت ستار مكافحة القوى الكردية اليوم. كما ظهرت هذه السياسة العدائية في قيام الجيش التركي في أواخر مايو 2019 بعملية عسكرية في شمال العراق، حيث توغلت القوات التركية أكثر من 25 كلم، شملت جبال قنديل وصولا إلى حدود منطقة سنجار.
وإذا كانت التدخلات التركية قائمة في شمال العراق بين الفينة والأخرى، ثم لا تلبث أن تعود أدراجها بانتهاء مهمتها بعد متابعة فلول حزب العمال الكردستاني، فإن التدخل الأخير يعد عنوانا جديدا لتثبيت تواجد دائم عبر الإعلان عن إقامة ثلاث قواعد عسكرية جديدة ليصل المجموع إلى 15 قاعدة عسكرية بعضها يقع في إقليم كردستان العراق، وقد أطلقت عليها تسمية “المخلب 1” و“المخلب 2”، ما يعني أن أهداف العملية العسكرية بحسب وزير الدفاع خلوصي آقار تتجه إلى ترسيخ حضور قار، وكاستمرار للتواجد التركي في العراق بخاصة في منطقة بعشيقة التي تبعد 150 كلم عن الحدود التركية.