إسرائيل وإيران تواصلان التصعيد بينهما في غزة امتدادا للمواجهة في سوريا.
غزة- أظهر دخول إيران على خط التصعيد بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي في القطاع أن غزة باتت ساحة تصفية حسابات إسرائيلية – إيرانية من جديد، فيما يدفع المدنيون الفلسطينيون فاتورة المواجهة غير المعلنة.
وقال محللون سياسيون إن إسرائيل وإيران تواصلان التصعيد بينهما في غزة وهو امتداد للمواجهة في سوريا وللعمليات التي تحدث هنا وهناك من خلال استهداف مواقع نووية أو تصفية عاملين في المشروع النووي الإيراني، لافتين إلى أن حركة الجهاد الإسلامي هي أقرب الفصائل الفلسطينية إلى إيران، وأنها ومنذ ظهورها في ثمانيات القرن الماضي كانت متأثرة بثورة الخميني ولا تخفي تحركها ضمن مناخ “المقاومة” المدعوم إيرانيا.
وتساءل المحللون عن تزامن التصريحات الصادرة من إيران ومن حزب الله ومن أمين عام حركة الجهاد زياد النخالة الذي لا تكاد زياراته تتوقف إلى إيران في موقف واحد ضد الغارات وهل أن ذلك يأتي لتأكيد الاتهامات الإسرائيلية للجهاد بأنها جزء من أجندة التحرك الإيراني.
وأكد النخالة أن حركة الجهاد ستخوض ضد إسرائيل معركة “دون خطوط حمراء”، وذلك في تعليقه على غارات إسرائيلية أدت إلى مقتل تيسير الجعبري القيادي البارز في “سرايا القدس” الجناح العسكري للجهاد.
وعن تواجده في طهران، قال النخالة في مقابلة مع قناة “الميادين” الموالية لحزب الله اللبناني “زيارتي إلى إيران زيارة روتينية وطبيعية في الأصل، وصادف أن الأحداث وقعت ونحن في إيران. نحن دائما نقوم بزيارات إلى إيران لما لها من موقف مساند للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية”.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن حركة الجهاد لا تخفي تنسيقها مع إيران وحزب الله وأنها جزء مما تطلق عليه طهران “محور المقاومة”، ولم يستبعدوا أن تتولى الحركة تنفيذ عمليات انتقامية كانت إيران قد وعدت بتنفيذها انتقاما من هجمات إسرائيلية ضد وجودها في سوريا، معتبرين أن الحركة تعطي الأولوية لأجندتها الخارجية على حساب معاناة القطاع.
ويعتقد هؤلاء أن غزة تبدو المنفذ الوحيد للرد الإيراني طالما أن الضربات الإسرائيلية في سوريا يصعب الرد عليها وفق الحسابات الإيرانية لأنها قد تقود إلى مواجهة مباشرة، وهو خط أحمر بالنسبة إلى طهران التي تقوم إستراتيجيتها فقط على توكيل أذرعها في المنطقة لخوض الهجمات سواء ضد إسرائيل أو السعودية.
ويلفت المراقبون إلى أن غزة ملعب مفتوح ولا يؤدي إلى أي خسائر بالنسبة إلى الإيرانيين، وهو يوصل رسائلهم بشكل مباشر إلى إسرائيل، ويمكن أن تكون رسائل بليغة ومحرجة خاصة في ظل تمركز مسلحي الجهاد في المخيمات، وأن استهدافهم سيؤدي إلى خسائر مدنية عالية ما يحرج إسرائيل ويضغط عليها خارجيا.
وخلال السنوات الأخيرة بدا أن إيران أوعزت إلى حزب الله بضبط النفس وعدم استفزاز إسرائيل بأيّ شكل، وهي ربما تدّخره لمواجهة أكبر أو ورقة تفاوض حول ملفات أكثر أهمية من لجم التصعيد في سوريا، وهو ما جعل الحزب يكتفي بإصدار البيانات الباهتة والتي تكتفي بتحريض الفصائل الفلسطينية على تنفيذ الهجمات دون أيّ عمليات لتخفيف الضغط عليها كما دأب إعلام الحزب على تسويقه.
وأكدت إسرائيل أنها أطلقت عملية “استباقية” ضد حركة الجهاد على خلفية أنها كانت تخطط لهجوم وشيك ضدها بعد أيام من التوتر عند حدود غزة.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة التي تديرها حركة حماس، أن 12 شخصاً قتلوا في القصف الإسرائيلي، بينهم فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات، بينما أصيب 80 شخصاً بجروح.
وقال قائد الحرس الثوري السبت إن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا لهجماتها الأخيرة على الفلسطينيين في غزة.
ونقل التلفزيون الإيراني عن الميجور جنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري قوله “الإسرائيليون سيدفعون مرة أخرى ثمنا باهظا جراء جرائمهم الأخيرة”، في إشارة إلى الضربات الجوية الإسرائيلية على غزة خلال اجتماعه مع النخالة.
وقال النخالة في حضور حسين سلامي “نحن في وضع جيد للغاية وقادرون على الرد على أيّ عدوان من قبل الكيان الصهيوني في الوقت المناسب”، معربا عن تقديره لمواقف وتوجيهات قائد الثورة الإيرانية ودعم إيران لمحور المقاومة وانتفاضة الشعب الفلسطيني.
وأضاف، في تصريحات تظهر انخراط حركة الجهاد في المشروع الإيراني، أن “المواجهة الواسعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الولايات المتحدة والكيان الصهيوني أسعدت الشعب الفلسطيني ورفعت معنويات المقاتلين والمجاهدين الفلسطينيين”، مشيرا إلى أن “المقاومة الإسلامية حققت تقدماً جيداً وفاعلاً في مجال القوة العسكرية وهذه العملية لن تتوقف”.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم السبت أن إسرائيل “مجرمة” و”عدوانية” ويجب أن تتحمل عقاب جريمة قتل الجعبري.
وقال قاسم في تغريدة على تويتر “يجب أن نعرف أن إسرائيل مجرمة وعدوانية وقتل الجعبري في حي سكني مع شهداء، بينهم طفل وعشرات الجرحى هو عمل إجرامي لا يمكن أن يمر من دون عقاب.. وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولية هذا العقاب”.
وأضاف “غداً نسمع أن أميركا وأوروبا والأمين العام للأمم المتحدة سيدعون إلى ضبط النفس على قاعدة أن الذي حصل حصل، أي عندما تعتدي إسرائيل ندعو إلى ضبط النفس، أما إذا قامت المقاومة بعملية فيقولون يجب أن تتحمل المسؤولية وتُعاقب”.
ويرى المراقبون أن في تكثيف تصريحات المسؤولين الإيرانيين وبينهم الرئيس إبراهيم رئيسي وقيادات حزب الله والجهاد تأكيدا على أن إيران تريد أن ترد على ما طال صورتها من عجز في سوريا، حيث دأبت إسرائيل على شن حرب استنزاف ضدها بهدف منعها من تركيز وجود قار لها في سوريا قد يهدد أمن إسرائيل من جبهة جديدة.