نحو 73 بالمائة من أكثر من 4 آلاف جهادي تونسي يقاتلون في معاقل الدولة الإسلامية في سوريا عبروا إليها من الحدود التركية.
أثار موافقة تركيا على ترحيل جهادي تونسي ضجة في تونس حول تساهل حكومة أردوغان تجاه تجنيد الخلايا الجهادية للشباب التونسي قبل تسفيره إلى سوريا والعراق، فيما يشدد خبراء على أن الحدود التركية مع سوريا تعد جسرا آمنا يعبره الجهاديون باتجاه معاقل التنظيم الأم في ظل تساهل مريب.
وكانت تركيا وافقت الأربعاء على ترحيل جهادي تونسي يدعى أنور بيوض أيام قليلة قبل أن تؤمن له خلايا تنظيم الدولة إلحاقه بأكثر من 4 آلاف جهادي تونسي يقاتلون في معاقل التنظيم، ويتقلد العشرات منهم مواقع قيادية متقدمة.
وجاءت موافقة تركيا في أعقاب مقتل فتحي بيوض أب الجهادي وهو عميد بالجيش خلال التفجيرات الثلاثاء، كان سافر إلى إسطنبول في مسعى إلى العودة بإبنه إلى تونس وفق ما قال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية التونسية .
وأثار أنور بيوض الذي حول حياة عائلته إلى مأساة بعد مقتل والده ضجة في الأوساط السياسية والأمنية والنشطاء، بشأن تساهل تركيا تجاه الخلايا الجهادية في استقطاب الشباب التونسي في مرحلة أولى وتسفيره إلى معاقل التنظيم في كل من سوريا والعراق في مرحلة ثانية.
وأقر العشرات من الجهاديين العائدين خلال تحقيقات الأجهزة الأمنية معهم بأنهم التحقوا بمعاقل تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن احتضنتهم خلايا جهادية تنشط في تركيا ووفرت لهم الحماية ومكنتهم من مبالغ مالية تتراوح ما بين ألف وألفي دولار قبل تسفيرهم عبر الحدود التركية.
ويقول خبراء أمنيون وعسكريون تونسيون إن تركيا تحولت خلال السنوات الأربع الماضية إلى "جسر آمن" للجهاديين التونسيين، يعبرون بسهولة حدودها الترابية باتجاه سوريا تحت حماية شبكات من خلايا خطيرة.
ولا يتردد الخبراء في التشديد على أن هناك "تساهلا مريبا" من قبل السلطات التركية تجاه نشاط الجهاديين عموما، وتساهل أكثر ريبة حيال شبكات متخصصة في تسفير الشباب التونسي إلى معاقل تنظيم الدولة الإسلامية.
وتبدي السلطات التونسية توجسها وعدم ثقتها في السلطات التركية بشأن تشديد المراقبة الأمنية على نشاط الجهاديين واستقطابهم للشباب التونسي وتسهيل التحاق المئات منهم إلى معسكرات تنظيم الدولة.
وذهب الطيب البكوش وزير الخارجية السابق إلى أبعد من التوجس حتى أنه لم يتردد في اتهام تركيا في شهر أبريل/نيسان 2015، بـ"تسهيل" تسفير التونسيين باتجاه سوريا والعراق عبر حدودها الترابية.
وقال البكوش أنداك إن تركيا بتساهلها مع نشاط وتنقل الجهاديين تساعد "بشكل مباشر أو غير مباشر على الإرهاب في تونس".
ويستغل جهاديو تونس غياب فرض التأشيرة للسفر إلى تركيا ليندسوا وسط آلاف المسافرين التونسيين الذين يزورون خاصة إسطنبول إما للسياحة أو لممارسة تجارة الملابس الجاهزة.
وفي ظل غياب إحصائيات رسمية دقيقة يقدر الخبراء الأمنيون والعسكريون نسبة الجهاديين التونسيين الذين يعبرون الحدود التركية باتجاه سوريا بنحو 73 بالمائة ما أثار تشنجا نسبيا متكتما عليه بين سلطات البلدين.
وأكد البكوش العدو الشرس للإسلام السياسي أن "المسلك الذي يتبعه المقاتلون التونسيون هو العبور غير القانوني عبر ليبيا، ثم بالطيران إلى تركيا"، مشددا على ان بعض الجهاديين الذين قاتلوا في سوريا والعراق عادوا ليقوموا بأعمال إرهابية في تونس" استهدفت كيان الدولة المدنية.
والعام 2015 خلف هجومان دمويان قام بهما جهاديون عائدون وتبناهما تنظيم الدولة أكثر من 140 ضحية بين قتيل وجريح غالبيتهم من السياح الأجانب استهيف الأول المتحف الأثري بباردو وسط العاصمة تونس فيما استهدف الهجوم الثاني فندقا بمدينة سوسة السياحية.
وفي مارس/آذار، أظهرت تقارير أمنية وإعلامية أن قيادات في تنظيم الدولة عبرت الحدود التركية قادمة من سوريا والعراق لتشرف على هجمات مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا في مسعى لإقامة إمارة إسلامية غير أن وحدات الجيش والأجهزة الأمنية أحبطت المخطط بعد أن قتلت 56 جهاديا.
وألقت تفجيرات مطار أتاتورك بضلال أمنية على تونس إذ شدد الحبيب الصيد رئيس الائتلاف الحاكم خلال كلمة مسجلة الخميس توجه بها إلى التونسيين على خلفية التفجيرات على أن الفترة القادمة إلى حدود عيد الفطر تعتبر فترة صعبة تستوجب اتخاذ الجهات الأمنية والعسكرية أقصى درجات الخدر تحسبا من وقوع هجمات إرهابية.
ورفعت السلطات الأمنية والعسكرية من جهوزية عتادها وعمليتها اللوجستية إذ ضرب رقابة أمنية مشددة على المطارات وفي مقدمتها مطار تونس قرطاج الدولي إضافة إلى مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية والفنادق السياحية ومقرات البعثات الدبلوماسية.
ووصفت سارة رجب الرئيسة المديرة العامة لشركة الخطوط التونسية الأربعاء الإجراءات الأمنية بمطار تونس قرطاج الدولي بالصارمة بأنه يتم تطبيقها على كافة الرحلات مؤكدة أن المطار من أكثر المطارات أمانا.
ويدفع خبراء أمنيون وعسكريون ونشطاء بالسلطات التونسية إلى مطالبة حكومة أردوغان بالكف عن تساهلها مع نشاط الجهاديين التونسيين وباتخاذ أعلى درجات الرقابة الأمنية على نشاطهم وقطع الطريق أمام التحاقهم بمعسكرات تنظيم الدولة في سوريا والعراق عبر حدودها.