وزير الخارجية الفلسطيني ينتقد بشدة تصريحات ايرينا بوكوفا ويعتبرها "تماهيا مع حملة علاقات عامة شنتها إسرائيل"
رفض وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، تصريحات المديرة العامة لمنظمة اليونسكو ضد القرار الذي اعتمده المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، مشيرا إلى أنها "خرجت عن حدود صلاحياتها".
وقال المالكي، في بيان صحفي صادر عن وزارته، اليوم السبت، "إننا نرفض هذا الموقف غير المسبوق والذي يشكل إهانة لإرادة الدول الأعضاء التي عبرت عن مواقفها السيادية وصوتت بالإيجاب لاعتماد القرار بنجاح".
وأضاف "إنه من غير المقبول أن تقوم السيدة بوكوفا بإطلاق التصريحات التي من شأنها تقويض عمل وصلاحيات المجلس التنفيذي لليونسكو".
وأكد المالكي أن بوكوفا تجاهلت نص القرار الفلسطيني الذي تم اعتماده، والذي "عكس الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بما فيها انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني، بمسيحيه ومسلميه، للوصول إلى أماكن العبادة والأماكن المقدسة، واختارت التماهي مع حملة العلاقات العامة الإسرائيلية التضليلية لاسترضاء سلطة الاحتلال، وتحدثت ضد القرار الذي شدد على أهمية القدس ومكانتها للديانات السماوية الثلاث".
وقال المالكي: "على السيدة بوكوفا تركيز جهودها على تنفيذ إرادة الدول الأعضاء، والحفاظ على مدينة القدس من الاستعمار الممنهج لسلطات الاحتلال واعتداءاتها على مكانة المدينة المقدسة، والحقوق الأساسية للمواطنين الفلسطينيين".
بوكوفا: لا يمكن انكار صلة الديانات الثلاث بمدينة القدس
وكانت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، إيرينا بوكوفا، جددت تأكيدها على أن مدينة القدس القديمة هي مدينة مقدّسة للديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلامية، مشيرة إلى أنه بفضل هذه التعددية والتعايش الديني والثقافي المشترك، تم إدراج المدينة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وذكرت بوكوفا في بيان صحفي، أن التراث في مدينة القدس غير قابل للتجزئة، وتتمتع كل من الديانات الثلاث في القدس بالحق بالاعتراف بتاريخها وعلاقتها مع المدينة، مضيفة إلى أن أي محاولة لإنكار وإخفاء وطمس أي من التقاليد اليهودية أو المسيحية أو الإسلامية تعرض الموقع للخطر بما يتعارض مع الأسباب التي دفعت إلى إدراجه في قائمة التراث العالمي.
وقالت، "إن القدس هي المكان الوحيد الذي يشهد على وحدة وتمازج التقاليد اليهودية والمسيحية والإسلامية. وإن هذه التقاليد الثقافية والروحية قائمة على نصوص ومراجع معروفة للجميع، وتشكل جزءاً لا يتجزأ من هوية وتاريخ الشعوب. ففي التوراة، تعد القدس عاصمة داوود ملك اليهود، حيث شيد سليمان الهيكل ووضع فيه تابوت العهد. وفي الإنجيل، القدس هي المكان الذي شهد آلام وصلب وموت وقيامة السيد المسيح. أما في القرآن الكريم، فالقدس هي ثالث أقدس الأماكن في الإسلام حيث اتجه إليها الرسول محمد في رحلة الإسراء ليلاً من المسجد الحرام في مكة ثم إلى المسجد الأقصى في القدس".
وأوضحت أن في هذه البقعة التي تحتضن التنوع الروحي للديانات الثلاث، تمارس الشعوب المختلفة شعائرها الدينية في الأماكن نفسها ولكن تحت مسميات مختلفة. وبالتالي فإنه لا بد من الاعتراف بهذه المسميات واستخدامها واحترامها. وإن المسجد الأقصى/الحرم الشريف مكان مقدس للمسلمين تماماً كما أن جبل الهيكل ومنه الحائط الغربي هو المكان الأكثر قدسية في الديانة اليهودية، والذي يقع على بعد بضع خطوات من كنيسة القيامة وجبل الزيتون، الأماكن المقدسة للمسيحيين.
وقالت إن القيمة العالمية الفريدة للمدينة، وهي السبب الذي أدرجت بسببه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تعود لهذه الحقيقة التي تدعو إلى الحوار عوضاً عن المواجهة والخصام. وعليه، تقع على عاتقنا مسؤولية مشتركة لتقوية هذا التعايش الثقافي والديني بالقول والفعل على حد سواء.
وأكدت أن هذه الحاجة أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى من أجل إنهاء هذه الانقسامات التي تضر بروح التعددية الدينية في المدينة.
وأوضحت قائلة "وصول هذه الانقسامات إلى اليونسكو، التي تهدف في المقام الأول إلى ضمان الحوار وتحقيق السلام، يعيق المنظمة عن إتمام مهامها على أكمل وجه. فإنّ مسؤولية اليونسكو تتجسد في إحياء روح التسامح واحترام التاريخ وهو التزامي اليومي كمديرة عامة لليونسكو إلى جانب جميع الدول الأعضاء. وإنني ملتزمة بهذه المسؤولية تحت أي ظروف لأن هذا هو سبب وجودنا: أي أن نتذكر دائماً أننا نشكل معاً إنسانية واحدة وأن التسامح هو الطريق الوحيد للعيش في عالم من التنوع والتعددية".