يحتفل العالم في 14 فبراير من كل عام بـ عيد الحب أو "الفالنتاين"، حيث تغمر الأجواء الورود الحمراء، الهدايا الفاخرة، وكلمات الغزل. ولكن خلف هذه الصورة الحالمة، يختبئ تاريخ مظلم، يمتد إلى جذور وثنية قديمة ارتبطت بـ الخصوبة، الفجور، وتعري النساء، قبل أن تتطور لتصبح رمزًا للرومانسية في العصر الحديث.
مقالات ذات صلة:
عيد الحب.. مناسبة للعاطفة والفرح والتقدير ❤️🌹
لطيفة تحتفل بعيد الحب على طريقتها.. أغنية جديدة تهديها لتونس
أجواء الحب تسيطر على عيد ميلاد الإعلامية والممثلة هيفاء الحبيب مريزق
البداية: مهرجان لوبركاليا الدموي
يرجع أصل عيد الحب إلى روما القديمة، حيث كان الرومان يحتفلون في 15 فبراير بمهرجان وثني يُعرف بـ "لوبركاليا". كان هذا الطقس مخصصًا لتكريم الإله فونوس، إله الزراعة والخصوبة، وشمل طقوسًا مثيرة للجدل، أبرزها:
1. التضحية بالحيوانات (الكلاب والماعز) في كهوف روما القديمة.
2. استخدام جلود الحيوانات الملطخة بالدماء لضرب النساء العاريات في الشوارع، اعتقادًا بأن ذلك يعزز خصوبتهن.
3. طقس اختيار الشركاء، حيث كانت النساء يكتبن أسماءهن في أوراق توضع في صندوق، ليقوم الرجال بسحب الأوراق واختيار "رفيقة" يقضي معها الليلة.
كانت هذه الاحتفالات تتميز بالفوضى والانحلال الأخلاقي، إذ تحولت إلى مهرجانات للشهوات الجسدية وتعري النساء، وهو ما دفع الكنيسة لاحقًا إلى التدخل لإلغائها.
تحويل الفجور إلى "حب مقدس": دور الكنيسة
مع انتشار المسيحية، حاولت الكنيسة طمس الطابع الفاحش لمهرجان لوبركاليا، فأصدر البابا جيلاسيوس الأول عام 496 م قرارًا بتحويل المناسبة إلى عيد ديني يحمل اسم القديس فالنتين، لكنه لم يلغَ الطابع العاطفي المرتبط به، مما جعله يمزج بين التقاليد الوثنية والحب الرومانسي.
تدور الأسطورة حول القديس فالنتين، وهو قسيس مسيحي تم إعدامه في 14 فبراير عام 269 م بأمر من الإمبراطور كلوديوس الثاني، بسبب تزويجه للعشاق سرًا رغم الحظر الذي فرضه الإمبراطور على زواج الجنود. ويقال إن فالنتين وقع في حب ابنة سجانه وكتب لها رسالة وقعها بـ "من فالنتين الخاص بك"، لتصبح هذه الجملة أيقونة عيد الحب في ما بعد.
من العصور الوسطى إلى العصر الحديث: هل الحب بريء؟
في العصور الوسطى، بدأ الأوروبيون يربطون يوم 14 فبراير بالرومانسية، حيث اعتقدوا أنه يوم تزاوج الطيور. وبدأ النبلاء والشعراء بتبادل رسائل الحب، أشهرها قصيدة دوق أورليانز التي كتبها لزوجته أثناء أسره عام 1415.
لكن مع الثورة الصناعية والتطور التجاري، تحوّل العيد إلى مناسبة استهلاكية ضخمة، حيث انتشرت بطاقات التهنئة في القرن التاسع عشر، ثم الهدايا والمجوهرات في القرن العشرين، لتصبح الشركات الكبرى مثل متاجر الورود، ومصانع الشوكولاتة المستفيد الأول من هذه المناسبة.
الوجه الآخر لعيد الحب: انحراف عن مفهوم الحب الحقيقي
في العصر الحديث، تحول عيد الحب في بعض الثقافات إلى مناسبة تتجاوز مفهوم الحب العاطفي، حيث أصبح موسمًا للحفلات الصاخبة، الملابس الجريئة، والعلاقات العابرة، مما دفع بعض الدول إلى تقييد الاحتفال به أو منعه، خشية تحوله إلى مناسبة للتفسخ الأخلاقي.
عيد الحب بين الاحتفال والانتقاد
اليوم، يظل عيد الحب محط جدل عالمي، فبينما يراه البعض فرصة للتعبير عن المشاعر، يراه آخرون استمرارًا لمهرجان وثني قديم تخللته الفوضى الأخلاقية. فهل هو يوم للرومانسية البريئة، أم مجرد غطاء لتاريخ مليء بالشهوات والطقوس الغريبة؟
سواء كنت تحتفل بعيد الحب بإيماءة رومانسية بسيطة أو تراه خدعة تجارية، فإن تاريخه الخفي يثير تساؤلات أعمق حول أصله الحقيقي. فهل هو يوم للحب الصادق أم مجرد امتداد لأحد أقدم المهرجانات الوثنية؟
