عن طريق الكسب المذهبي تحول سنة تونسيون إلى التشيع إلا أن ذلك لا يخلو من معارضة هذا التبشير وما سينتج عنه من مشكلة طائفية.
خلاصة من بحث: عبد اللطيف الحناشي 'الوجود الشِّيعي في تونس محاولة لفك الغموض'، ضمن الكتاب 115 (يوليو 2016) ''الشرطة الدينية الجزء الثَّاني' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
أهتم الشيعة في تونس بالنشاط في الجمعيات ذات الاهتمام الثقافي والاجتماعي، وكانت الجمعية الشيعية الوحيدة التي نشطت قبل الثورة في تونس، غير المرخّص بها قانونيا، هي "جمعية آل البيت الثقافية" (تأسست سنة 2003 وتم الاعتراف بها بعد الثورة)، ومن أهدافها "المساهمة في إحياء مدرسة آل البيت ونشر ثقافتهم" كما تأسست "رابطة التسامح التونسي"(أوائل سنة 2012) التي اتُّهِمت بالسعي إلى تنفيذ المشروع الشيعي في تونس بتمويل إيراني، عن طريق "التظاهر بالدفاع عن القضية الفلسطينية وتجريم التطبيع مع العدو الصهيوني كـ"مطيّة لكسب الشرعية في تونس في مرحلة أولى.ثم بعد ذلك الانطلاق في تنفيذ مشروع امتداد شيعي في تونس، ومن ثم البدء بالمطالبة بالاعتراف بوجود الشيعة في تونس وحقوق الشيعة". إلى جانب ذلك برزت جمعية المودة الثقافية، وإلى جانب ذلك أيضاً انتشرت بعض المكتبات المتخصصة في ترويج الكتاب الشيعي، ومنها مكتبة "الشاملة".
الصحافة:
أسس أحد المثقفين الشيعة صحيفة أسبوعية أطلق عليها اسم "الصحوة" وينفي مؤسسها عن صحيفته "التشيع"، مؤكداً أنها صحيفة "متنوعة وعامة ومعظمها عن الشأن المحلي". كما صرح بأن صحيفته "التي لا تدعو للفتنة، بل للوحدة" ستبقى أسبوعية في الوقت الحاضر، لكنها قد تتحول إلى يومية مستقبلاً.
تضمن العدد الأول من "الصحوة" مقالات تطرق بعضها إلى "الثورة في البحرين ودور الإخوان في سوريا ومواقفهم مما يجري"، إضافة إلى أخبار الشيعة في باكستان والبحرين. كما تضمن العدد الأول من الصحيفة تقارير إخبارية مناهضة لتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.
الحجم والانتشار الجغرافي:
من الصعب تحديد الحجم الكمي للشيعة في تونس اليوم بسبب خوفهم من السلوك العدائي لمناهضيهم تجاههم من ناحية، ولاعتمادهم على مبدأ التقية بطريقة مبالغ فيها –أحيانا- ولاختلاف وتناقض المعطيات التي يقدمها رموز الشيعة أنفسهم على عددهم بتونس، إذ يذكر أحد أبرز دعاة التشيع في تونس، أن عدد الشيعة في تونس يُعدّ بـ"مئات الآلاف"، في حين يعتبر آخرون أن هذا الرقم مبالغ فيه، ويقدر آخر عددهم بنحو (7) آلاف على الأكثر. عدد الشيعة في تونس يقدر بحوالي (700) معتنق يتوزع أغلبهم في مدن الجنوب وخاصة قابس والمهدية. أما وزير الشؤون الدينية الحالي، فقد صرّح بأن عدد شيعة تونس لا يتجاوز (500) فرد، كما بين أن الحديث عن "خطر شيعيّ في تونس أمر مبالغ فيه" كما أكد أن الدستور التونسي يضمن حرية المعتقد لجميع المواطنين، وأن كلّ شخص حرّ في معتقداته.
وبالتوازي مع ذلك يعتبر أحد الباحثين أن الوجود المذهبي الشيعي في تونس "ضعيف وأن تضخيم عددهم من خلال وسائل إعلامهم هو ضرب من ضروب التشييع. فتونس السنية تظل عصية عن التشيع الصفوي".
وينتشر الشيعة في أنحاء متفرقة من البلاد التونسية في العاصمة، وخصوصاً في الجنوب الغربي (مدينة قفصة)، والجنوب الشرقي (صفاقس وقابس) وتشهد هذه الأخيرة انتشارا لافتا للتشيع، ربما لاستقرار أحد أبرز رجال الدين الشيعة فيها، بالإضافة لبعض مدن الساحل (طبلبة ومساكن) وأقصى الجنوب (تطاوين).
علاقة شيعة تونس بإيران وولاية الفقيه:
ينفي شيعة تونس أي ارتباطات سياسية أو عضوية مع أي دولة سواء كانت إيران أو غيرها. ويذكر بعضهم أن علاقاتهم بإيران هي ذات طبيعة دينية ولا علاقة لها بالسياسة، غير أنهم لا ينفون تكفّل إيران بمصاريف النقل والإقامة عند زيارة "الدعاة" إليها.
أما بالنسبة لمسألة ولاية الفقيه، فيعتبرها هؤلاء وجهة نظر ضمن المدرسة الشيعية. وهي مسألة خلافية، و"لا يجمع عليها كل أتباع أهل البيت في تونس". مؤكدين أن مرجعيتهم السياسية هي "وطننا وما يجمع عليه التونسيون من خيارات، فهي تلزمنا بوصفنا أبناء هذا الوطن" غير أن ذلك لا ينفي أن المرجعية الدينية والسياسية لغالبية شيعة تونس الاثني عشرية هي "آية الله العظمى السيد خمينائي الزعيم الروحي للجمهورية الإسلامية الإيرانية" مع وجود فئة قليلة هي من أتباع سماحة "آية الله العظمى السيد السيستاني في العراق".
من جهة أخرى، ينفي البعض من الشيعة علاقتهم بالمرجعيات في إيران أو في العراق، ويعتبر نفسه "محتاطا" وهو توجه آخر بين المقلد والمجتهد، يلتزم فيه المتشيع بالبحث عن مرجعية تمثله، دون أن يتخذ قراره بعد.
مناهضة التشيع في تونس:
بين تقرير حول "الحالة الدينية وحرية الضمير في تونس" أن 54% من التونسيين يعارضون انتماء التونسيين للمذهب الشيعي، ويرفضون بشدة وبنسبة 88%، تحول التونسي السني إلى المذهب الشيعي، لذلك لا يبدو مستغربا أن تتأسس سنة 2012 "الرابطة التونسية لمناهضة المد الشيعي في تونس"، التي طالبت الحكومة التونسية بإغلاق المركز الثقافي الإيراني الذي يشكل -حسب رأيها- "الذراع الثقافية والدينية لإيران في تونس، لنشر المذهب الشيعي في البلاد". كما طالبت الرابطة بقطع العلاقات الدبلوماسية التونسية- الإيرانية التي "تحاول التأثير على معتقداته ومقدساته عبر مساعي تصدير الثورة الشيعية".
وعارضت بعض الأطراف السياسية التونسية غير المؤثرة في المشهد السياسي التونسي، توقيع الحكومة التونسية عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون مع إيران في قطاع السياحة، من بينها إحداث خط جوي مباشر بين البلدين، وبرنامج تنفيذي للتعاون يتم بمقتضاه استقطاب (10) آلاف سائح إيراني خلال سنة 2016.
من ذلك أن رئيس تيار المحبة الهاشمي الحامدي (المقيم في لندن وصاحب محطة "المستقلة" الفضائية) اعتبر الاتفاقية "تهديدا" للأمن القومي التونسي و"خطرا على بلادنا". موضحا أنها "ستسمح لأجهزة وعناصر استخباراتية أجنبية بالدخول إلى تونس تحت غطاء السياحة".
في حين اعتبر أحد قياديي حزب الإصلاح السلفي أنه "إذا دخلت إيران بلدًا بطريقة أو بأخرى ولو باسم السياحة؛ فاعلم أن بلدك مقبل على خراب، وانظر إلى وضع العراق، وكذلك حال السوريين، لتتأكد من هذا الأمر".
إن الأسباب وراء ذلك سياسية عقائدية، وما ظهور مثل هذه الجمعيات إلا دليل على ما ذهبت إلى قوله، وهو العداء الذي يكنه الإخوان للمذهب الشيعي، وذلك لأغراض سياسية مدفوعين إليها من قبل بعض القوى الدولية المعادية لإيران على وجه الخصوص. وهي سابقة لم تعرفها البلاد من قبل، حتى ضد الطوائف اليهودية التونسية.