نقابة الصيدليات الخاصة: الوضع يهدد كل المنظومة الصحية في القطاعين العام والخاص.
تونس - زادت التحذيرات المتواصلة من تفاقم أزمة تراجع مخزون الأدوية الأساسية في مستودعات الصيدلية المركزية في تونس من حجم المخاوف من التداعيات السلبية لهذا الوضع.
وطالبت نقابة صيدليات القطاع الخاص الحكومة بالتدخل لمعالجة المشكلات المالية لصندوق التأمين على المرض والذي يعد من بين أبرز أسباب الصعوبات التي تواجهها الصيدلية المركزية التي تعطل عملها.
وقالت نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة في تونس، الاثنين، إن مشكلات نقص الأدوية في الصيدلية المركزية التونسية سببها الصعوبات المالية التي ترتبت عن عدم دفع الصناديق الاجتماعية لديونها لصالح الصيدلية.
وأفادت النقابة بأن المشكلات المالية للصيدلية المركزية أسفرت عن نقص كبير في مخزون الأدوية، إلى جانب “صعوبة في توريدها بسبب عدم دفع مستحقات عدد من المخابر الأجنبية”.
وطالبت النقابة في بيان، وزارة الشؤون الاجتماعية بالتدخل من أجل حل مشكلات الصناديق الاجتماعية في تونس، داعية لإصدار القرارات وسن الإجراءات الضرورية لإنهاء هذه الأزمة المتعددة الأبعاد.
ووصفت النقابة وضع الصيدلية المركزية بـ“الكارثي والخطير”، محذرة من أن “هذا الوضع أصبح يهدد كل المنظومة الصحية في القطاعين العام والخاص وكذلك صحة المواطنين”.
وقال مصطفى العروسي رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، “أردنا تنبيه الرأي العام إلى خطورة المشكلة فالعديد من الأدوية ليست متوفرة”.
وذكر العروسي بأن صيدليات القطاع الخاص تحذر منذ عامين من أن أزمة نقص الأدوية في تونس في تفاقم متواصل.
وأكد أنه تم تسجيل نقص كبير في العديد من الأدوية الأساسية، إلى جانب الأدوية الخصوصية التي ترتبط بعلاج أمراض معينة ومن بينها السرطان والسكري.
وأفاد العروسي بأن نقابته تطلق “صيحة فزع” ليتحمل كل طرف مسؤوليته في معالجة هذه الأزمة.
وأفاد العروسي بأن تونس هي البلد الوحيد الذي لا تتوفر فيه الأدوية المقلدة، مؤكدا على أن التصنيع المحلي للأدوية يغطي نسبة 48 بالمئة من حاجيات التونسيين من الأدوية.
وجدد بيان النقابة التأكيد على أن كل هذه المشكلات المتراكمة سببها تأخر إصلاح وضع الصناديق الاجتماعية.
وفي بداية الأسبوع الماضي، دقت نقابة موظفي الصيدلية المركزية ناقوس الخطر بشأن تراجع مخزون الأدوية بمستودعات الصيدلية وعدم دفع المستشفيات العمومية وصندوق التأمين على المرض ديونها لدى الصيدلية المركزية والتي قالت النقابة إنها بلغت أكثر من 800 مليون دينار.
وصرّح سفيان الدلاجي الكاتب العام لنقابة الصيدلية المركزية في تونس في برنامج تلفزيوني بقناة محلية خاصة، أن أغلب مستودعات الصيدلية المركزية فارغة من العديد من الأدوية الأساسية ومن بينها السيروم والمضادات الحيوية والأنسولين.
وكشف الدلاجي أن الصيدلية المركزية تحتوي على مخزون من الأدوية تكفي لمدة شهر و20 يوما، على عكس السنوات الماضية حيث كان مخزونها من الأدوية في حدود 3 أشهر.
وإثر تصريحات نقابة موظفي الصيدلية المركزية، سعى وزير الصحة عماد الحمامي إلى طمأنة الشارع التونسي بعد الضجة والمخاوف التي أثارها الحديث عن أزمة نقص الأدوية بالصيدلية المركزية.
وأكد الوزير أن “الوضع في الصيدلية المركزية تحت السيطرة حاليا”، معلنا القيام بجهود لمعالجة النقص في مخزون الأدوية.
وجدد تأكيده على أن مشكلة الأدوية سببها التهريب والفساد في القطاع بالإضافة إلى الصعوبات المالية، التي قال إن صندوق التأمين على المرض هو المتسبب فيها لعدم دفع مستحقات الصيدلية المركزية ومستشفيات القطاع العام.
والشهر الماضي، كشف وزير الصحة أن من بين ملفات الفساد في وزارته توجد 4 ملفات كبرى ترتبط بتهريب الأدوية إلى بلدان مجاورة واستعمال أدوية منتهية الصلاحية. كما أكد أن فرق وزارة الصحة رصدت العديد من عمليات سرقة الأدوية من المستودعات والمستشفيات ومراكز الصحة الأساسية.
وأقرّ العروسي بأن الصناديق الاجتماعية هي سبب الصعوبات المالية التي تواجهها الصيدلية المركزية في تونس والتي تعطل قيامها بالمهام المكلفة بها.
ويقترح العروسي، في سياق الحلول التي تراها نقابة الصيدليات الخاصة، أن أولى الخطوات نحو حل الأزمة تتمثل في ضرورة معرفة حجم المشكلة. كما يؤكد على أهمية أن تقطع الصناديق الاجتماعية مع مبدأ التضامن في ما بينها والتي يجعل البعض منها يتحمل الأعباء المالية للبعض الآخر.
ويقول العروسي إن عدم التضامن بين الصناديق الاجتماعية يجعل كلا منها يقدر حجم عجزه بما يمكنه من إيجاد الحلول المناسبة لأزماته.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحذر فيها نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة من خطورة وضع الصيدلية المركزية في تونس والتداعيات التي يمكن أن تترتب عنه. وفي وقت سابق، انتقدت النقابة عدم وجود اتفاق رسمي ينهي كل المشكلات العالقة والتي تسبب نقصا كبيرا في كميات الأدوية الأساسية.
وكانت أوساط مختلفة قد حذرت سابقا من أزمة حقيقية في تزويد السوق التونسية بالأدوية، في ظل كل المشكلات التي تعانيها الصيدلية المركزية والتي تعود بالأساس إلى عدم تمكنها من استيراد الأدوية التي تحتاجها تونس.
وأشارت نقابة موظفي الصيدلية المركزية، عند بدء احتجاجاتها بشأن تراجع مخزون الأدوية، إلى أن اجتماعا وزاريا ناقش في نوفمبر الماضي كيفية دفع الديون المتراكمة لصالح الصيدلية المركزية.
وتابعت النقابة بأن صندوق التأمين على المرض التزم بدفع مبلغ شهري قدّر بأكثر من 33 مليون دينار، في حين تعهدت المستشفيات العمومية بدفع ما بين 10 و12 مليون دينار شهريا.
واستنكرت عدم التزام صندوق التأمين على المرض والمستشفيات بالتعهدات السابقة، موضحة أن الصيدلية المركزية “لم تحصل من قبل الصندوق إلا على 32.3 مليون دينار خلال 5 أشهر أما المستشفيات فقد دفعت 6 ملايين دينار فقط خلال نفس المدة”.