قانون المالية لسنة 2019 قبل أي تعديل وزاري أوعرض الحكومة على البرلمان.
تونس - لا يضع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد المطالب التي تتالت مؤخرا بضرورة عرض حكومته على البرلمان لتجديد الثقة فيها بعدما انتهى التوافق بين الأطراف السياسية بشأنها على رأس أولوياته. والرئيس الباجي قائد السبسي سبق أن دعا الشاهد مرتين لعرض حكومته على ثقة البرلمان.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني أن يوسف الشاهد منشغل حاليا بإعداد قانون المالية لسنة 2019، مستبعدا إمكانية الذهاب إلى البرلمان أو إجراء تعديل وزاري قبل 15 أكتوبر موعد تسليم قانون المالية للبرلمان.
وأضاف في تصريحات إذاعية الاثنين “الأطراف التي دعت يوسف الشاهد لعرض حكومته على البرلمان ومن بينهم الرئيس قائد السبسي لم تحدد موعدا لذلك والآن نحن منشغلون بإعداد قانون المالية”. وعلى ضوء تطورات الوضع السياسي سيحدد رئيس الحكومة ماذا يجب أن يفعل.
ولفت إلى أن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد لم تؤثر بأي شكل على عمل الحكومة مستشهدا بتدخلها لإغاثة المتضررين من الفيضانات التي شهدتها محافظة نابل الأسبوع الماضي.
وتعيش تونس منذ أشهر على وقع أزمة سياسية عنوانها مصير حكومة يوسف الشاهد. ويطالب اتحاد الشغل وحزب نداء تونس بقيادة حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس) وهو أيضا الحزب الذي ينتمي إليه الشاهد، برحيل الحكومة، في حين تصرّ حركة النهضة على بقائه.
وأدّى استمرار الأزمة إلى انسحاب عدد من نواب نداء تونس وقياداته وانضمامهم إلى كتلة الائتلاف الوطني حديثة التشكيل والمساندة لسياسات الحكومة. وتحولت الكتلة التي يبلغ عدد نوابها 43 نائبا إلى ثاني أكبر كتلة داخل البرلمان بعد حركة النهضة (69 نائبا) وهو ما تسبب في تراجع كتلة نداء تونس إلى المرتبة الثالثة.
ويجد يوسف الشاهد نفسه في وضع مريح مع هذه التوازنات الجديدة داخل البرلمان وهو ما يدفعه إلى تجاهل ما يحدث على الصعيد السياسي والتركيز في عمله الحكومي. واعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، أن قصر قرطاج أصبح الحلقة الأضعف في المشهد السياسي التونسي.
وقال عصام الشابي في حوار إذاعي، إن المقابلة التلفزيونية الأخيرة للرئيس قائد السبسي كشفت أن أوراق اللعبة خرجت من يديه وفقد أوراق الضغط. وشدّد الشابي أن رئيس الدولة لم ينته سياسيا وهو رجل سياسة وما زال فاعلا في هذا المجال.
الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ أشهر تمهد لمشهد سياسي جديد سيرتكز على توافق بين الشاهد والنهضة
وفي ما يتعلق بالدعوات الموجهة لرئاسة الجمهورية بتفعيل الفصل 99 من الدستور وعرض حكومة يوسف الشاهد لتجديد الثقة في البرلمان، أوضح أنه لا يمكن في هذه الظروف تفعيل هذا الفصل خاصة أمام الأغلبية النيابية المساندة للشاهد.
ويقول مراقبون إن هذه الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد تمهد لمشهد سياسي جديد سيرتكز على توافق بين الشاهد الذي لا يستبعدون أنه يشكل حزبا خلال الفترة القادمة، وحركة النهضة. وطالب قياديون في حزب نداء تونس بانسحاب وزراء وكتاب الدولة الممثلين للحزب من حكومة الشاهد، وهي دعوات تأتي بعد إعلان الرئيس التونسي فرط عقد تحالفه مع حركة النهضة.
وجاء إعلان الرئيس قائد السبسي لينهي فترة توافق بين حزبي نداء تونس وحزب النهضة، وهما الحزبان الرئيسيان في الائتلاف الحاكم، قد بدأت قبل خمس سنوات وجنبت تونس السقوط في أتون العنف، حيث اتفقا خلالها على حكومة تكنوقراط وصياغة دستور حداثي وتنظيم انتخابات حرة في 2014. وقال الرئيس قائد السبسي في حوار تلفزيوني الاثنين الماضي “منذ الأسبوع الفارط قررنا الانقطاع بطلب من النهضة، هي تريد التوافق مع الحكومة التي يرأسها يوسف الشاهد. العلاقات بين الباجي قائد السبسي والنهضة انقطعت”.
وتابع الرئيس قائد السبسي “لم يعد هناك توافق للتواصل بين الباجي والنهضة، بسعي منهم، النهضة نفضت يدها من الباجي واختارت طريقا آخر، إن شاء الله يكون موفقا، ولكن لا أظن ذلك”. وأضاف الرئيس التونسي أنه بإنهاء التوافق مع النهضة “دخلنا مغامرة جديدة أنا منها براء”. كما أكد أنه دافع عن خيار عدم إقصاء “النهضة”، وشدد على أن ذلك كلفه غاليا، من دون تفاصيل. وفسّر الرئيس قائد السبسي دفاعه عن التوافق بأنه لديه “التزام بالوطن”.
وفي المقابل تجري جهود لترميم الخلافات بين حافظ قائد السبسي ويوسف الشاهد بعدما تفطنت قيادات من نداء تونس إلى أن الأمور تسير عكس مصالح حزبهم.
وقال رئیس بلدیة القصرین والقیادي بحركة نداء تونس كمال الحمزاوي إنه قام بعدید المحاولات لإنهاء الخلاف بین المدیر التنفیذي للحركة ورئیس الحكومة.
وأوضح أن حافظ قائد السبسي اشترط للجلوس مع الشاهد والحوار معه أن یعتذر له الشاهد في حوار تلفزيوني على تصریحاته السابقة التي اتهمه فیها بتدمیر نداء تونس.
شدد الحمزاوي على أنه من مصلحة تونس ومصلحة نداء تونس إنهاء الخلافات داخله مؤكدا أن رئیس الجمهوریة هو الرئیس المؤسس للحزب وهو القادر على تقدیم الحلول لترمیم الحزب.
واعتبر أنه من المستحسن أن یتخذ حافظ قائد السبسي خطوات إلى الوراء لأن هناك إجماعا وقناعة لدى التونسیین بأنه هو سبب التجاذبات داخل نداء تونس وقال الحمزاوي “أنا نصحت حافظ بذلك”.
ودعا الحمزاوي الهیئة السیاسیة إلى إلغاء قرار تجمید عضویة رئیس الحكومة مشیرا إلى أن قرار تجمید عضویة الشاهد لم یتم عرضه على لجنة النظام الداخلي لنداء تونس في إشارة إلى أن القرار كان أحادیا من قبل قائد السبسي الابن.