سامي الطاهري: الاتحاد يدعو إلى تنظيم حوار تشاركي.
تونس - عبّر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، عن ارتياحه لتركيبة حكومة نجلاء بودن، مؤكدا دعمه لها في مواجهة التحديات التي ستعترضها، وسط تساؤلات الخبراء والمراقبين عن إمكانية قبوله الدخول في هدنة اجتماعية مع الحكومة، في ظلّ وجود رهانات ومطالب مُلحّة.
ورحّب اتحاد الشغل في تونس بإعلان حكومة جديدة، ودعا إلى تنظيم حوار تشاركي، وأجرى الأمين العام للمنظمة النقابية نورالدين الطبوبي اتصالا هاتفيا مع بودن، عبّر خلاله عن ثقته وتطلعاته من الحكومة الجديدة.
وقال المتحدث باسم الاتحاد سامي الطاهري الاثنين إنّ "هناك العديد من التحديات المطروحة على المدى القصير على الحكومة الجديدة التي تقودها نجلاء بودن، من أبرزها إعادة التوازن للمالية العمومية في ظل ارتفاع عجز الموازنة ووجود حاجة ماسة إلى تعبئة موارد مالية جديدة".
وأكّد الطاهري أن "تشكيل الحكومة الجديدة سيساعد على سد الفراغ الحكومي وسيعيد تشغيل دواليب الدولة بعد تعطل دام أكثر من شهرين منذ اتخاذ التدابير الاستثنائية”، مضيفا أنه “لا بد من وضع خطة استعجالية في المجالين الصحي والتعليمي باعتبار أنهما يمسان حياة الناس ومستقبلهم خاصة في ظل جائحة كورونا".
ودعا إلى "ضرورة التسريع في الذهاب إلى حوار وطني وتحديد موعده وآلياته"، مقرا بـ"عدم وجود أيّ مشاورات في الوقت الحالي بين رئاسة الجمهورية والاتحاد وغيره من المنظمات".
وعبّرت قيادات أكبر المنظمات النقابية عن ارتياحها لتشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدة أن الاتحاد سيتعاون معها لتذليل الصعوبات وبحث حلول ناجعة للخروج من الأزمات.
وأفاد محمد علي البوغديري الأمين العام المساعد للاتحاد أن "الاتحاد استبشر خيرا بتشكيل الحكومة الجديدة، ويتمنى لها كل النجاح والتوفيق”، قائلا “الجانب الشكلي لها يبعث على الارتياح، لأن هناك تطبيقا لرؤى اتحاد الشغل وأهمها المساواة بين المرأة والرجل".
وأضاف أن “الاتحاد سوف لن يدّخر جهدا في التعامل مع هذه الحكومة بما يخدم مصالح المجتمع التونسي، والهدف الأساسي هو خلق مناخ اجتماعي سليم ومستقر".
وتابع البوغديري “سنتشاور مع حكومة نجلاء بودن للوصول إلى حلول ناجعة، ونحن أبناء شعب واحد، وكل ما يتطلبه الوضع الآن هو توفر الثقة، وهي موجودة في الرئيس قيس سعيد وحكومة بودن، وبالتالي يصبح كل شيء قابلا للحل ويمكن تجاوز كل العراقيل".
وفي سؤاله عما إذا كان الاتحاد سيراعي الصعوبات المالية والاقتصادية للبلاد في مفاوضاته الاجتماعية، قال البوغديري “طبعا سيأخذ بعين الاعتبار كل الصعوبات، وتونس قبل كل شيء، ووطننا فوق كل اعتبار”، مؤكدا “سنبذل مجهودا في هذا الاتجاه، وهدفنا واحد ونتوجه مع الحكومة إلى نفس الجماهير”.
واستطرد “عندما تتوفر الثقة والإرادة، ونعرف أن الأموال في أياد أمينة، فالاتحاد سيكون ضامنا للاستقرار ومشاركا فعليا في الخروج من الأزمة”.
وأكدت شخصيات سياسية أن اتحاد الشغل سينخرط في عملية الإصلاح وبناء تونس جديدة وفقا لتصورات مختلفة، وأن الهدنة بين الطرفين ستكون في إطار نقاش هادئ ومتزن مع الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات المالية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد.
وقال المحلل السياسي عبدالعزيز القطي إن "الاتحاد كان دائما إلى جانب الإرادة الشعبية، وكان له موقف معين قبل قرارات الخامس والعشرين من جويلية، واليوم عبّر عن ارتياحه لقرارات الرئيس قيس سعيد والحكومة الجديدة".
وأضاف “الاتحاد له مطالب يدافع عنها، ويعرف جيدا الوضعية التي تعيشها البلاد، ومن المؤكد أنه سيكون هناك حوار بين الحكومة والاتحاد"، لافتا "بودن تحدثت عن المصارحة وإعادة الثقة في إطار تقديم الحلول، وسيتم الحديث عن المطالب وحلّ البعض منها".
وأردف القطي "التفاوض بين الطرفين لن يكون على أساس حسابات أو ترضيات سياسية بل سيكون على أساس الوضعية الحالية للبلاد وإعادة بناء تونس، واتحاد الشغل سينخرط مع منظوريه في هذه العملية باعتبار أن ما ستقوم به الحكومة هو إعادة بناء وإصلاح".
وأشار إلى أن "الهدنة ستكون بصفة طبيعية وفي إطار نقاش بين الحكومة والاتحاد".
ويرى متابعون للشأن التونسي أن اتحاد الشغل ساند قرارات الرئيس منذ البداية، وذهب قبل ذلك في اتجاه اقتراح مبادرة للحوار الوطني تجمع مختلف الأطراف، كما يعد شريكا مهما لرئاسة الجمهورية لمواجهة التحديات القادمة.
وصباح الاثنين أدت الحكومة التونسية الجديدة اليمين الدستورية برئاسة نجلاء بودن، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد، وذلك بعد نحو ثلاثة أشهر من إعلان الرئيس التدابير الاستثنائية وإقالته الحكومة السابقة برئاسة هشام المشيشي.
ونشرت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على صفحتها في فيسبوك بيانا مصحوبا بصورة للرئيس قيس سعيّد ورئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن جاء فيه "رئيس الجمهورية يصدر أمر تسمية رئيس الحكومة وأعضائها".
وأدى خمسة وعشرون وزيرا (منهم تسع نساء) في الحكومة اليمين، وهو ما تم بثه مباشر على التلفزيون الحكومي.
وفي الخامس والعشرين من جويلية الماضي أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد جملة من القرارات الاستثنائية أهمها تجميد نشاط البرلمان لمدة ثلاثين يوما، وإقالة حكومة هشام المشيشي، كما قرر في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي تمديد العمل بتلك الإجراءات.
خالد هدوي
صحافي تونسي