الصفحة 3 من 3
أزمة سياسية
مع اشتداد الانسداد السياسي في البلاد وانقسام مواقف الأحزاب المعنية بالمشاركة في حكومة الفخفاخ، أخذ كل حزب يدافع عن وجوده بالدفع إلى تحصيل أكثر ما يمكن من غنائم الحكومة دون أن يتطرق الفاعلون في المشهد إلى صعوبة الوضع الاقتصادي، وماذا ينبغي على من سيحكم -إن كان الفخفاخ أو غيره- أن يقدم لحل أزمة الاقتصاد.
ومن المفارقات الكبرى في مفاوضات تشكيل حكومة الفخفاخ أن النقاش حول وثيقة التعاقد الحكومي التي تتضمن منطقيا كل برامج الحكومة القادمة لإنقاذ الاقتصاد، تم تهميشها عبر حصرها في مربع يجعلها مجرّد ديكور يتم به تزويق المشهد دون تقديم تفاصيل عن تصورات الأحزاب في المستقبل القريب لإخراج تونس من دوامة الإفلاس والفقر الذي يحاصر البلاد.
التقرير يعيد فتح ملفات ترتبط مباشرة بما قدمّته الطبقة السياسية طيلة قرابة عقد، خاصة في ما يتعلق بالبرامج والمخططات التنموية
ويتساءل خبراء الاقتصاد عن جدوى تمطيط السياسيين لحالة الفراغ رغم إدراكهم صعوبة الوضع وكارثيته المباشرة على حياة التونسيين، طارحين آفاقا بديلة حمّالة لعدة استفهامات من قبيل “تمر حكومة الفخفاخ وماذا بعد إن لم تكن حاملة لهموم الشعب وملامسة لواقعه اليومي؟”.
وما يزيد في توريط كل الطبقة السياسية أن جلّ مكوناتها خلطت المفاهيم خلال الانتخابات الرئاسية رغم إدراكها أن الرئاسة محدودة الصلاحيات دستوريا مقارنة برئاسة الحكومة، ليقدم آنذاك كل المرشحين بلا استثناء، وفي مقدمتهم قيس سعيّد، وعودا وضعت مستوى معيشة المواطن في خانة الأمن القومي على اعتبار أن هذه الصلاحية الأخيرة هي من صميم مهام الرئيس دستوريا.
إلى أن تتشكل الحكومة الجديدة، بات من الضروري أن يعيد تقرير البنك الدولي ترتيب الأولويات لدى ساسة البلاد، لأن التونسي اليوم بات في غنى كلي عمّن يعده بأن تمطر السماء ذهبا مثلا، فنصف مليون تونسي يعيشون بدولار واحد في اليوم هم في أمسّ الحاجة إلى أفعال تُترجم على أرض الواقع، لا في حاجة إلى عراك السياسيين ومسكّنات تزيد في هشاشة وضعهم ووضع البلاد مستقبلا.
وسام حمدي
صحافي تونسي