مهلة عشرة أيام أمام الرئيس قيس سعيد لاختيار مرشح توافقي لتشكيل حكومة جديدة.
تونس - لم تمض سوى ساعات على إعلان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ استقالته حتى مرت كتل برلمانية إلى تقديم لائحة تضم 73 نائبا كشرط قانوني لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي بات على صفيح ساخن بسبب توتر علاقته بالرئيس قيس سعيد وأحزاب التحالف الحكومي، فضلا عن التوتر الحاصل في البرلمان بسبب سوء إدارته للجلسات.
وبدأ الرئيس سعيد مشاورات لفترة لا تتجاوز عشرة أيام لاختيار مرشح يحوز دعمَ غالبية الكتل البرلمانية في خلافة الفخفاخ على أمل تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الصيف.
وقال رئيس كتلة الإصلاح في البرلمان حسونة الناصفي في مؤتمر صحافي “سنسعى لحشد أكثر ما يمكن من النواب من أجل التصويت على العريضة في الجلسة العامة وسحب الثقة”.
وذكر رئيس الكتلة الديمقراطية (38 مقعدا) هشام العجبوني إن “إمضاءات لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي بلغت 73 توقيعا”.
وتتهم الأحزاب الموقعة على العريضة، ومن بينها ثلاثة أحزاب شريكة لحركة النهضة في الحكومة المستقيلة، الغنوشي بارتكاب خروقات والفشل في إدارة الجلسات، وخاصة ما أسمته العريضة بتدخلاته في السياسة الخارجية للبلاد، وتوظيف الإدارة في خدمة أجنداته الحزبية.
وجاءت لائحة سحب الثقة من رئيس الحكومة لتفقد الغنوشي أهم حلفائه في التحالف الحكومي (التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، وحركة تحيا تونس) الذين دعموا عريضة سحب الثقة منه.
وبات البرلمان يقدم نموذجا سيئا عن الانتقال الديمقراطي في تونس بسبب العراك والتشاجر والخطاب العنيف في مداخلات النواب، وهو أمر يتكرر بشكل شبه يومي، ما دفع إلى مطالبات بحل البرلمان والمرور إلى انتخابات مبكرة على أمل أن تتغير موازين القوى الحالية بما يقطع مع حالة التشظي والصراعات السياسية الحادة.
ووصف نورالدين الطبوبي، أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل (أعرق منظمة نقابية)، الخميس، النظام البرلماني المعتمد في البلاد بـ”العاجز”، ودعا إلى إجراء استفتاء عليه.
وقال الطبوبي، خلال مقابلة مع إذاعة “شمس أف أم” المحلية “القانون الانتخابي يجب مراجعته”، متسائلا “هل النظام البرلماني قادر على إصلاح تونس؟ وإلاّ فإنّ المسألة يهتمّ بها الشعب”.
ورغم أن طبيعة النّظام السياسي في تونس حاليا لم تكن واضحة في نص الدّستور، إلا أن توزيع الصلاحيات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، جعل منه نظاما شبه برلماني يخلق توازنا سياسيا.
وأضاف أن “الأحزاب البرلمانيّة مهتمّة فقط بالمناكفات والغوغائية وتسجيل نقاط على حساب بعضها البعض، ومختلف النواب يعتمدون في أسلوب حِوارهم في المجلس على السبّ والشتم”.
وتعطلت، الخميس، أشغال الجلسة العامة في البرلمان المخصصة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، بسبب اعتصام نواب الحزب الدستوري الحر المعارض الذي يدعو أيضا إلى سحب الثقة من الغنوشي ومراجعة الإجراءات الأمنية داخل البرلمان.
وقد وصف نورالدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، نائبها في البرلمان التونسي (54 مقعدا من أصل 217)، الخميس، تقديم لائحة لسحب الثقة من رئيس البرلمان بـ”العملية الاستعراضية التي لن تمر”.
وقال إن “التحدي الموجود أمامهم (من قدّموا اللائحة) هو الحصول على 109 أصوات للمصادقة على اللائحة في الجلسة العامة”.
وانطلقت الخميس مفاوضات سياسية ماراتونية تمتد على عشرة أيام يقودها الرئيس قيس سعيّد بحثا عن مرشح توافقي لخلافة الفخفاخ من أجل نيل ثقة البرلمان.
وليس بالأمر الهين تحديد توجه الرئيس التونسي لاختيار مرشحه، فقد عبّر في أكثر من مناسبة عن كرهه الشديد للمناورات السياسية “داخل الغرف السوداء”، كما أن له كامل الصلاحيات في أن يفرض شخصية ربما لا تفضلها الأحزاب.
وفي حال فشل مرشح سعيّد في كسب ثقة البرلمان بـ109 أصوات، ستتعزز فرضية المرور إلى انتخابات نيابية مبكرة نهاية عام 2020.
ويقول أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني إن الرئيس سعيد “يملك صلاحية حلّ” البرلمان بينما “ستخسر الكتل النيابية الكثير” إن تم إقرار انتخابات مبكرة.
وقد أظهرت استطلاعات للرأي تم نشرها في وسائل إعلام محلية مطلع الأسبوع الحالي تقدم الحزب الدستوري الحرّ في نوايا التصويت، وهو الحزب الذي تقوده المحامية عبير موسي.