سياسيون تونسيون يطالبون القضاء بالكشف عن مصادر تمويل حركة النهضة.
تونس - أعاد محمد عبو، الوزير المكلف بمكافحة الفساد في الحكومة المستقيلة، النقاش إلى الواجهة حول مصادر تمويل حركة النهضة الإسلامية والنفقات الطائلة التي تخصصها لحملاتها الانتخابية ولأنشطتها.
ويعتبر تمويل النهضة بمثابة “صندوق أسود” يُمنع الخوض فيه منذ أن تسلم الحزب مقاليد السلطة في 2011 وعزّز موقعه في الحكم.
وأعلن محمد عبو خلال مؤتمر صحافي الأربعاء عن إحالته شكوى إلى القضاء ضد حركة النهضة تتعلق بامتلاكها أربع قنوات تلفزيونية، ما يثير تساؤلات قوية عن عملية تبييض أموال، إضافة إلى أن الشكوى تطالب بالتدقيق في ممتلكاتها وسياراتها ومقراتها وحول ما ورد في تقرير محكمة المحاسبات بشأن وجود أشخاص تابعين للحركة سجلتهم متبرعين وهم متوفون.
وكثيرا ما حامت حول النهضة اتهامات باستغلال التمويل الأجنبي وشبهات فساد تعلقت بالحملات الانتخابية واستقطاب الفئات الشعبية بهدف تعزيز نفوذها السياسي في السلطة منذ 2011.
وقال نورالدين بن تيشة، المستشار السياسي السابق للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، “إن الاتهام جاء من وزير كان حزبه مشاركا في الائتلاف الحكومي مع حركة النهضة، ومن الواضح أنه يملك معطيات وقرائن تؤكد ما تبناه”.
وطالب “القضاء بكشف الحقائق والبحث بجدية عن تفاصيلها لأنه منذ سنوات والكثير يتحدث عن الحجم الكبير للأموال التي تمتلكها النهضة وعن تحكّمها في بعض الفضاءات التلفزيونية والإعلامية وغيرها”.
وأضاف “آن الأوان لكشف مصادر التمويل وهناك من يتحدث عن ثراء غير طبيعي لبعض القيادات في الحزب والتي كانت لا تملك شيئا قبل تاريخ 14 جانفي 2011 واليوم تمتلك شققا وعقارات وممتلكات”.
واستبعد بن تيشة، “أن تنجح النهضة في حجب الحقائق المتعلقة بمصادر تمويلها لأن الشارع التونسي متحفز ومتحمس لمعرفتها”.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن إدارة شؤون الحزب تتطلب تمويلا ماديا كبيرا، وهو ما اعتمدته حركة النهضة في مختلف أنشطتها وحملاتها.
وقال أمين عام حزب “تونس إلى الأمام” عبيد البريكي “إنه من حيث المنطق لا يمكن أن يصرح وزير الوظيفة العمومية دون أن يكون مدعوما بحجج ومعطيات حقيقية”.
وأضاف البريكي “أنه من غير المنطقي أن تكون للنهضة كل تلك المقرات، وأن تخصص كل تلك الأموال في المناسبات والحملات والمؤتمرات، ولا تكون لها أموال طائلة”، مشيرا إلى أن “كل المراقبين يجمعون على أن حزبا عاديا لا يمكن أن ينجز 20 في المئة مما تنجزه النهضة بتلك الأموال”.
وذكر أن المال الفاسد أصبح يهدد تاريخ تونس، ولا يمكن أن يصلح بحزب يعتمد على تمويلات خارجية، وهذا معطى إضافي حول فشل الحركة في إدارة شؤون البلاد.
وسبق أن كشفت محكمة المحاسبات (أعلى جهاز رقابي قضائي في البلاد)، في تقريرها لعام 2019 حول الانتخابات المحلية، عن وجود تبرعات مالية بأسماء العشرات من الأشخاص المتوفين لفائدة حركة النهضة.
ورصد تقرير محكمة المحاسبات سوء تصرف وتمويلات مشبوهة في الحملات الانتخابية لحركة النهضة، وتحديدا بين عامي 2016 و2018، وتحدث أيضا عن تضمن وصولات التبرّع لفائدة النهضة هويّات 68 متبرّعا، بيّنت في ما بعد سجلاّت الحالة المدنية أنهم متوفون، ومنهم 25 شخصا تراوحت تواريخ وفاتهم بين 3 و11 سنة قبل موعد التبرّع.
وأضافت المحكمة أنّ “من بين 68 متبرعا متوفًّى، 25 منهم مرت على وفاتهم بين 3 و11 عاما قبل موعد التبرع” كما سجلت المحكمة في تقريرها ملاحظات أخرى، بينها غياب إمضاء المتبرع في نحو 329 إيصالا، من بين نحو 13 ألف عملية تبرع.
وكان رئيس هيئة مكافحة الفساد المقال شوقي الطبيب كشف في جويلية الماضي عن وجود تمويلات غير قانونية لدى بعض الأحزاب السياسية، وأنّ العديد منها لا يتوخى الشفافية في التصريح بتمويلاته، خاصة خلال فترات الانتخابات.
وأكد وجود “تمويل خارجي”، متهما أطرافا خارجية بتوظيف أحزاب سياسية محلية عن طريق تمويلها.
ويفرض المرسوم المنظم لنشاط الأحزاب السياسية في تونس على كل حزب ”تقديم تقرير سنوي، يشمل وصفا مفصلا لمصادر تمويله ونفقاته، إلى دائرة المحاسبات”، إلا أنّ أغلب الأحزاب لا تقوم بذلك.
خالد هدوي
صحافي تونسي