أثار إعلان رئاسة الجمهورية في تونس أمس الإثنين، تلقي جرعات من اللقاح المضاد لفيروس ”كورونا“ جدلا واسعا، وفتح باب الصراع مع رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان، بعد التضارب في البيانات بين المؤسسات التي تشهد انقسامات حادة.
وقال بيان لرئاسة الجمهورية: إنّ مؤسسة الرئاسة ”تلقت 500 جرعة تلقيح مضاد لفيروس كورونا بمبادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تم بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيد تسليم هذه الجرعات إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية“.
وأكدت رئاسة الجمهورية في بيانها، ”أنه لم يقع تطعيم أيّ كان لا من رئاسة الجمهورية ولا من غيرها من الإدارات بهذا التلقيح، وذلك في انتظار مزيد التثبت من نجاعته، وترتيب أولويات الاستفادة منه“ وفق تعبيرها.
وفي المقابل أعلنت رئاسة الحكومة، أنه لا علم لها بوصول هذه اللقاحات ولا بمصدرها ولا بمدى توفّرها على الشروط الصحية والقانونية الضرورية، ولا بمآلها، وأكدت في بيان لها أنّ رئيس الحكومة هشام المشيشي سمح بفتح تحقيق فوري حول ملابسات دخول هذه اللقاحات، وكيفية التصرّف فيها وتوزيعها.
وأشارت رئاسة الحكومة، إلى أن إدارة عملية التلقيح تبقى من مسؤولية اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا في إطار الإستراتيجية التي تمّ إرساؤها للغرض والتي حدّدت الفئات المعنية بالتلقيح.
ومن جانبها أكدت عضو اللجنة العلمية لمجابهة تفشي فيروس ”كورونا“ نصاف بن علية الإثنين خلال جلسة استماع بالبرلمان، أنه لا علم لها بموضوع اللقاحات التي تلقتها الرئاسة في شكل هبة وتم تسليمها إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية.
وأكد عضو لجنة اللقاحات ”الهاشمي الوزير“ خلال جلسة في البرلمان، أنّ اللجنة لم تتلق أي معلومات أو معطيات حول وصول جرعات لقاح من أي جهة كانت.
وأثار تلقي شحنة اللقاحات تأويلات عديدة، وراجت أخبار مفادها أنّ الشحنة موجهة إلى الطبقة السياسية وستشمل إطارات رئاسة الجمهورية، وأعضاء الحكومة والنواب في البرلمان، كما تحدثت الأخبار ذاتها عن تلقي رئيس البرلمان راشد الغنوشي جرعة من اللقاح.
لكن رئاسة البرلمان نفت تلقيها أي نوع من اللقاحات من أي جهة كانت، وأكدت ”التزامها بسياسة الدولة في إطار الإستراتيجية الوطنية والأولويات التي وضعتها لمنح اللقاحات“ بحسب ما جاء في بيان لها.
ومع تصاعد الجدل حول جرعة اللقاح؛ دعت منظّمة “أنا يقظ“ رئاسة الجمهورية إلى نشر بيان توضيحي بشأن هذه الجرعات ومصدرها ومآلها ومن سيستفيد منها.
وحذّرت المنظمة رئيس الجمهورية بوصفه الساهر على احترام الدستور “من أن تنخرط مؤسسة رئاسة الجمهورية في ممارسات تخرق مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات الوارد بالفصل 21 أو الفصل 38 من الدستور الذي ينص على أحقية كل مواطن في الصحة بما في ذلك الوقاية والرعاية والعلاج بالإضافة إلى أن مبدأ (عدم التمييز) في والوصول إلى الأدوية واللقاحات يعد من أهم مبادئ منظمة الصحة العالمية“.
وأكّدت المنظمة، أنّه “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تقديم أي مسؤول كان مهما كانت رتبته أو مسؤوليته داخل الدولة على حساب مواطن ذي أولوية، أو على حساب الإطارات الطبية و أعوان الصحّة“.
واعتبر متابعون للشأن السياسي في تونس، أنّ هذا الملف أظهر مجددا حجم الخلافات وضعف التنسيق والتواصل بين مؤسسات الدولة ورئاساتها الثلاث، محذرين من أنّ امتداد الخلافات من الصراع حول الصلاحيات الدستورية إلى صراع حول مسألة حيوية تهم صحة المواطنين وتمس الرأي العام، يمثل تطورا لافتا ومؤشرا خطيرا على تفاقم الخلافات، واتساع الهوة بين الرئاسات الثلاث.