هشام المشيشي ينحني لـ"قرارات الرئيس": لن أكون عنصرا معطلا لتونس.
تونس - تجاوزت تونس "العقدة" الأميركية بعد محادثة هاتفية جمعت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالرئيس قيس سعيد، ليل الاثنين، حيث جاءت التصريحات خالية من أي إشارة إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد تمثل "انقلابا".
ودعا بلينكن الرئيس سعيّد إلى الإبقاء على حوار مفتوح مع جميع الأطراف السياسية الفاعلة والشعب التونسي، كما شجّع الرئيس التونسي على احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تشكّل أساس الحكم في تونس.
ووعد بلينكن بدعم الولايات المتحدة للاقتصاد التونسي وكذلك في مجال مكافحة جائحة كوفيد-19 التي شكّلت طريقة استجابة الحكومة التونسيّة لها سببا رئيسيا للاحتجاجات التي خرجت في كلّ أنحاء البلاد، ودفعت سعيّد، الأحد، إلى إعفاء رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان.
وشدد وزير الخارجية الأميركي على "الشراكة القوية" بين الولايات المتحدة وتونس ودعمها المستمر للشعب التونسي.
ومن جانبه أكد سعيّد لبلينكن حرصه على احترام الشرعية والحقوق والحريات، موضحا أن الإجراءات التي تم اتخاذها تندرج في إطار تطبيق الفصل 80 من الدستور لحماية المؤسسات الدستورية وحماية الدولة وتحقيق السلم الاجتماعي، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وكان البيت الأبيض دعا إلى الهدوء وأعلن أن واشنطن "تدعم الجهود التونسية للمضي قدما بما يتوافق مع المبادئ الديمقراطية".
ويأتي الموقف الأميركي منسجما مع مواقف العديد من الدول الأوروبية، حيث أعربت فرنسا عن أملها "بعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي" في تونس "في أقرب وقت".
ودعا الاتحاد الأوروبي "كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون" وإلى "تجنّب أي لجوء للعنف".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر، الاثنين، إن برلين قلقة من الاضطرابات السياسية المتصاعدة في تونس وتدعو إلى إعادة البلاد إلى حالة النظام القانوني الدستوري، ومع ذلك ترى أن ما حدث ليس "انقلابا".
وداخليا، ألقى رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي الراية البيضاء، معلنا قبول قرارات الرئيس سعيد الاستثنائية، قائلا "لن أكون عنصرا معطلا لتونس".
وأضاف المشيشي في بيان أصدره على صفحته بموقع فيسبوك "من منطلق الحرص على تجنيب البلاد مزيد من الاحتقان في وقت هي فيه في أشد الحاجة إلى تكاتف كل القوى، فإني لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أكون عنصرا معطّلا أو جزءا من إشكال يزيد وضعية تونس تعقيدا".
وتابع "أعلن أنّني أصطفّ كما كنت دائما إلى جانب شعبنا واستحقاقاته وأعلن عن عدم تمسّكي بأي منصب أو أية مسؤولية في الدولة".
وأضاف "سأتولّى تسليم المسؤولية إلى الشخصية التي سيكلفها الرئيس التونسي برئاسة الحكومة".
وأتى بيان المشيشي، بعد يوم من إعلان الرئيس التونسي إقالته بين عدد من "التدابير الاستثنائية"، وتكهنات حول اختفائه من حينها، لكن مصادر أمنية أكدت أنه في منزله.
وفي سياق متصل، أمر الرئيس التونسي، مساء الاثنين، بتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من الثلاثاء مع إمكانية التمديد في مدة تعطيل العمل. وفق بيان للرئاسة التونسية.
وقال البيان "يتيح هذا الأمر الرئاسي لكل وزير معني أو رئيس جماعة محلية اتخاذ قرار في تكليف عدد من الأعوان بحصص حضورية أو عن بعد. كما يلزم الهياكل الإدارية التي تسدي خدمات إدارية على الخط بتأمين استمرارية تلك الخدمات مع تمكين الرئيس المباشر بكل هيكل إداري أن يرخص في بعض الخدمات الإدارية الأخرى أو القيام ببعض إجراءاتها عن بعد ولا سيما عبر التراسل الإلكتروني".
وأوضحت الرئاسة التونسية أن هذا القرار يستثنى منه "أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريين وأعوان الديوانة والأعوان العاملين بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والأعوان العاملين بمؤسسات التربية والطفولة والتكوين والتعليم العالي الذين يخضعون لتراتيب خاصة".
ويأتي هذا القرار في الوقت الذي تشهد فيه تونس تطورات سياسية متسارعة على خلفية موجة احتجاجات واسعة تعم البلاد.
ومساء الأحد أصدر الرئيس التونسي قرارات بإعفاء رئيس الوزراء، هشام المشيشي، من منصبه، وتجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما ورفع الحصانة عن النواب، وتولى السلطة التنفيذية حتى تشكيل حكومة جديدة، لافتا إلى أن هذه الإجراءات كان يجب اتخاذها قبل أشهر، بينما اعتبر منتقدو هذه الإجراءات التحركات الأخيرة انقلابا.
واشتبكت الأحد الشرطة في العاصمة تونس وعدة مدن أخرى مع محتجين طالبوا الحكومة بالتنحي وبحل البرلمان، واستهدف محتجون مقرات حزب النهضة الإسلامي، الذي يتزعمه رئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعدة مدن، في تصعيد للغضب ضد المنظومة الحاكمة وسط تفش سريع لفايروس كورونا وتدهور الوضع الاقتصادي والسياسي.