سعيّد ينهي مهام عدد من الولاة ويضع مسؤولين تحت الإقامة الجبرية.
يسعى الرئيس التونسي قيس سعيد إلى تفعيل شعارات محاربة الفساد ومحاسبة المتورّطين، المستغلين لمناصبهم، بعد حزمة الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها منذ قرابة أسبوعين، في محاولة لتخليص مؤسسات الدولة وإدارتها من “براثن” المنظومة التي تقودها حركة النهضة منذ سنة 2011.
تونس - أمر الرئيس التونسي قيس سعيد بإنهاء مهام عدد من الولاة، ووضع مسؤولين كبار تحت الإقامة الجبرية، في خطوة تعكس حسب مراقبين شروع سعيّد في تفكيك سيطرة حزب حركة النهضة على الإدارة وإنهاء تحكمها في مفاصل الدولة.
وأعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس إنهاء تكليف ثلاثة ولاة من مناصبهم وهم، أكرم السبري والي المنستير، والحبيب شواط والي مدنين، وصالح مطيراوي والي زغوان.
وشدّد الرئيس سعيّد على أنه لا مجال للتراجع، وقال خلال لقائه المدير العام لديوان الحبوب بشير الكثيري بقصر قرطاج الخميس، إنه لا مجال للعودة إلى الوراء، مشدداً على أنه لا حوار إلا مع الصادقين.
كما أضاف أنه لم يتم اعتقال أحد من أجل رأيه، ولن يتم المساس بالحقوق والحريات.
وأعفى الرئيس سعيّد وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، ووزير تكنولوجيات الاتصال، الذي يتولى أيضاً منصب وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية بالنيابة، من منصبيهما.
كما أنهى مهام عدد من المسؤولين في مناصب عليا بالحكومة، فضلا عن إعفاء الكاتب العام للحكومة، ومدير ديوان رئاسة الحكومة، والمستشارين لدى رئيس الحكومة، ورئيس الهيئة العامة لقتلى وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية، وعدد من المكلفين بمأمورية بديوان رئيس الحكومة من مهامهم.
وأفاد رئيس لجنة مكافحة الفساد بالبرلمان، بدرالدين القمودي، في تدوينة نشرها على صفحته بفايسبوك أنه تم وضع وزير تكنولوجيات الاتصال ووزير النقل واللوجستيك الأسبق والقيادي بحركة النهضة محمد أنور معروف تحت الإقامة الجبرية.
ودعت شخصيات سياسية إلى ضرورة تفعيل هذه الإجراءات وتخليص مؤسسات الدولة من سيطرة النهضة المتمكنة من السلطة منذ 2011 بعيدا عن الشعارات، مطالبة بمحاسبة كل من أخطأ في حق البلاد والمواطنين.
وأفاد الناشط السياسي والحقوقي منذر بلحاج علي، أن “مساعي الرئيس سعيّد فيها جزء من هذه النوايا”، قائلا “في الحوار الوطني 2013، اتفقنا على مراجعة تعيينات الحركة في مفاصل الدولة، وعند سقوط حكومة علي العريض (قيادي بالنهضة) طالبنا بتحييد المساجد ومراجعة تلك التعيينات”.
وأضاف “بين سنتي 2012 و2013 أي (بين حكومة حمادي الجبالي وعلي العريض)، عيّنت النهضة ما يقارب 230 ألف شخص في الإدارة، وتونس تدفع الآن ضريبة هؤلاء”.
وتابع منذر بلحاج علي “يجب أن يكون الإجراء قانونا وليس شعارا يتم استخدامه في المزايدات السياسية، ويجب أن تحاسب الحركة وكل من أخطأ في حقّ البلاد”.
واستطرد “شعبنا يريد المحاسبة، ولكن نطالب الرئيس سعيّد بوضع خارطة طريق أولا”.
ويرى مراقبون أن الحركة الإسلامية تمكنت على امتداد عشر سنوات من مفاصل الدولة وتسيير مؤسساتها وإداراتها على النحو الذي يتماشى مع مصالحها السياسية، مؤكّدين حرص الرئيس سعيّد على “اعتماد المنهج القانوني والدستوري في كل خطواته”.
وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “هذه القرارات موجهة بالأساس لمن تتعلق بهم شبهات فساد في مؤسسات الدولة”، مؤكدا أن “الرئيس سعيّد يعتمد على المسار القانوني والدستوري في كل خطوة”.
وأضاف “التمكن من مفاصل الدولة والإدارة خطة اشتغلت عليها النهضة منذ 2011، حيث يوجد قرابة ستة آلاف ملف قضائي لازالت في الرفوف متعلقة بالحركة وحلفائها، وهناك من يريد التمكّن من وزارات الداخلية والعدل وتكنولوجيات الاتصال التي فيها بيانات التونسيين”.
وتابع “هم تمكّنوا من كل مؤسسات الدولة عبر الترقيات ومناصب الولاة والمعتمدين، وهذه الملفات كبيرة وتتطلب عملا قضائيا كبيرا قد يمتد لسنوات”.
ونقلا عن وسائل إعلام محلية، تولت وحدة أمنية ليلة الجمعة الثلاثين من يوليو، تنفيذ قرار صدر عن وزير الداخلية المكلف بوضع وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية في تونس، البشير العكرمي، تحت الإقامة الجبرية.
وأشارت إلى أن القرار نصّ على منع العكرمي من مغادرة مقر إقامته لمدة أربعين يوما قابلة للتجديد، ومنع الاتصال به إلا عبر وسيلة اتصال مرخصة ممن له النظر في تنفيذ قرارات السلطة العامة.
وأواخر جويلية المنقضي، أعلن الرئيس سعيّد أن أربعمئة وستين شخصاً نهبوا 13500 مليار دينار (4.8 مليار دولار) من أموال البلاد بناء على تقرير للجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد.
خالد هدوي
صحافي تونسي