لسنوات عديدة كنت اتمسك بوجودي في بلدي تونس رغم انه لم يقدم لي شيء يذكر على المستوى الذاتي، ولم امتلك فيه مترا مربعا ولم ادخر مليما واحدا في بنوكه ولم تسمح لي اخلاقي ووطنيتي ان انهش ماله وقوت شعبه كما فعلت الاغلبية، مهملا من اعلامه العمومي رغم مروري كمبدع ومثقف صاحب مشروع فني وتكريمي من العديد من القنوات الدولية.
ورغم اغراءات الهجرة والسفر المتاحة والدعوات الدولية التي تصلني سنويا تشبثت بهذا الفضاء (الوطن) واعتبرت تطور تجربتي ابنة فضائها بامتياز.
الآن وبعد هذه التجربة وانتكاسات المبدع في بلدي واهماله وفشل الثورة الثقافية التي حلمنا بها وبعد سفر لوحتي للعالم وانا هنا دون سعي مني بل بقوة منجزي اصبحت افكر جديا بفعل اليأس في ترك هذا الفضاء العاهر (وطني تونس).
اصبحت المواطنة هنا تخضع للمحابات والسمسرة وقلة المعروف والحياء الاخلاقي والنتهازية والسرقات ومنطق القطيع.
فقط نحن ابناء هذا الريف المفتوح تعودنا الانتقال والسفر، حفاة عراة كما فعلنا اطفالا ذهابا وايابا لمدارسنا البعيدة وكان هدفنا التحصيل والتميز.
الآن، زادي اني مواطن عالمي بمنجزي الذي يتجاوز رؤى ثقافة بلدي المنغلقة المستهلكة المكررة والرافضة للنهوض رغم الفرص المتاحة.
ساترك، لعالم اوسع يا وطني من اجل ان انحت اسمك بشكل آخر اريده واعتبر نفسي في الطريق الصحيح لهدفي.
يبقى ان اجد لي حضنا دافئا هناك ... كما حلمت العظيمة فيروز : بيت صغير بكندا .. قريبا.
ربما اذا لم يخطفنا العمر
#حسين_مصدق