أكد القنصل العام لفرنسا في تونس، دومينيك ماس، في تصريح لإذاعة موزاييك يوم الأربعاء الماضي، أن سلطات الهجرة في فرنسا قد أصدرت ما يقرب من 10 آلاف طلب ترحيل (OQTF) للتونسيين الذين يعيشون بصفة غير شرعية على الأراضي الفرنسية خلال عام 2022. وقد أثارت هذه الأرقام الكبيرة صدمة في تونس، حيث تتزايد المخاوف بشأن الوضع الهجري والتداعيات السياسية والاقتصادية المحتملة.
تطرق ماس في حواره إلى بعض التحديات التي تواجهها طلبات التأشيرة للفرنسية في الآونة الأخيرة، وخاصة صعوبة الحصول على مواعيد لتقديم الطلبات. ورغم ذلك، أكد أنه لم يطرأ أي تغيير على سياسة التأشيرات نحو فرنسا بعد التحولات السياسية التي شهدتها تونس. وأشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تعمل بشكل منفصل عن سياسة التأشيرات والعمل القنصلي.
ومع ذلك، أكد القنصل العام أن الهاجس الأمني ومسألة الهجرة لا تزال تؤثر في دراسة طلبات التأشيرة التي تصل إلى القنصلية العامة لفرنسا في تونس. وفي سياق آخر، تحدث عن قضية فرض التأشيرات على تنقل الأشخاص من تونس إلى فرنسا، مؤكدًا أن هذا الأمر يعد قضية سيادية للبلدين، تمامًا كما هو الحال بالنسبة لتونس. وأشار إلى الجدل الأخير الذي تم تثيره حول تواجد المهاجرين غير النظاميين في تونس، وأكد أن فرنسا تحمل شرعية لحماية حدودها.
تأتي هذه التطورات في ظل تنامي القلق في تونس بشأن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لترحيل هذا العدد الكبير من التونسيين غير الشرعيين. قد تؤثر هذه الإجراءات على حياة الأفراد وأسرهم، وتفاقم التحديات التي تواجهها البلاد بالفعل من ناحية البطالة ونقص الفرص الاقتصادية. كما قد تكون لها تأثير سلبي على العلاقات الثنائية بين تونس وفرنسا.
يجب على السلطات التونسية والفرنسية التعامل بحساسية وبشكل بنّاء مع هذه التحديات، والتعاون في إيجاد حلول مشتركة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية. ينبغي أن تركز الجهود على توفير فرص عمل مستدامة وتحسين الظروف الاقتصادية في تونس، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب.
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها، يجب على تونس وفرنسا أن تتعاون بشكل وثيق ومستمر للتغلب على هذه الأزمة وبناء علاقات ثنائية قوية ومستدامة. ينبغي أن يتم تنسيق الجهود وتبادل المعلومات بشكل فعال للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحقيق التنمية المستدامة ورفاهية الشعبين في البلدين.
من المهم أن يتم معالجة قضية الهجرة غير الشرعية بشكل شامل وباعتبارها تحديًا عالميًا يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا. يجب أن تلتزم الدول بتعزيز الحوار والتعاون المشترك وتوفير الدعم اللازم للدول النامية لمساعدتها في معالجة أسباب الهجرة وتحسين ظروف الحياة في بلدانها.
على المستوى الإقليمي، ينبغي أن تتبنى الدول العربية والأوروبية نهجًا مشتركًا لمعالجة قضايا الهجرة واللاجئين، وتعزيز التعاون والتنسيق في هذا الصدد. يمكن للتعاون الإقليمي أن يسهم في إيجاد حلول مستدامة وتقديم الدعم اللازم للدول المعنية.
بشكل عام، يجب أن تكون هذه التحديات الهجرية المعقدة فرصة لتعزيز التعاون الدولي وتطوير إستراتيجيات مشتركة للتصدي لمشكلة الهجرة غير الشرعية وتعزيز الأمن والاستقرار في البلدان المعنية. يجب أن تكون حقوق الأفراد وكرامتهم في مقدمة الاعتبارات، ويجب أن تعمل الدول على توفير فرص عادلة ومستدامة للجميع، بما في ذلك الشباب، في بلدانهم.