تعد تونس، بوصفها إحدى الديمقراطيات الناشئة في المنطقة العربية، على مفترق طرق هام في تاريخها السياسي والاقتصادي، و مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يتزايد الاهتمام بالمسائل الحيوية التي تواجهها البلاد، بما في ذلك التحديات الرقمية والحماية من المعلومات الزائفة.
تواجه تونس، كغيرها من الدول، تحديات كبيرة في مجال الجرائم المعلوماتية؛ لذلك، قامت بالانضمام إلى اتفاقية بودباست، التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الأمن السيبراني، وبموجب هذه الاتفاقية، يتعين على الدول الأعضاء تشريع قوانين تجريم الأنشطة الإلكترونية الضارة وتعزيز قدرتها على التحقيق وملاحقة المجرمين الإلكترونيين.
ولحماية المعلومات الزائفة وضمان نزاهة العملية الديمقراطية، أصدرت تونس مرسوما برقم 54 لتنظيم قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، ويهدف هذا المرسوم إلى تحقيق التوازن بين حق الأفراد في حرية التعبير وحماية المجتمع من الأخبار الزائفة والتضليل، كما ينص المرسوم على مجموعة من الإجراءات التنظيمية والقوانين التي تضع قيودا وضوابطا على تداول المعلومات الزائفة وتحدد المسؤوليات والعقوبات المناسبة لمروجيها.
هذا وتشهد تونس، مثل باقي دول العالم، ثورة معلوماتية تتسارع بوتيرة سريعة، حيث تتجاوز الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الحدود الزمان والمكان، مما يجعل الحماية من المعلومات الزائفة أمرا ضروريا في هذا السياق، وتتطلب هذه الثورة المعلوماتية تعزيز الوعي الرقمي وتطوير القدرات التقنية لدى المؤسسات والأفراد، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذه التحديات.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يصبح من الضروري تعزيز الحماية من المعلومات الزائفة، فالمعلومات الزائفة والأخبار المضللة يمكن أن تؤثر سلبا على نزاهة العملية الانتخابية وتشوه صورة المرشحين وتأثر على قرارات الناخبين؛ لذا، يجب أن تتخذ السلطات التونسية إجراءات قوية لمواجهة هذا التحدي، مثل تكثيف جهود التوعية والتثقيف بين الناخبين وتشديد الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي ومكافحة الحسابات الزائفة.
ختاما، تونس تواجه تحديات رقمية متزايدة في ظل التطور التكنولوجي والانتشار الواسع للمعلومات الزائفة، و من أجل ضمان نزاهة العملية الديمقراطية وحماية المعلومات الحساسة، يجب على الحكومة التونسية الاستفادة من الاتفاقية الدولية لمكافحة الجرائم المعلوماتية (بودباست) وتنفيذ مرسوم 54 بشكل صارم؛ بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الوعي الرقمي وتطوير القدرات التقنية لدى المؤسسات والأفراد؛ ولعل بتبني هذه الإجراءات، ستكون تونس على المسار الصحيح لمواجهة تحديات العصر الرقمي وضمان استقرارها السياسي وازدهارها المستقبلي.
إيمان مزريقي