توجه رئيس الجمهورية قيس سعيّد، في زيارة غير معلنة ومفاجئة، إلى مستودع القطارات بجبل جلود ومحطة المترو الخفيف بتونس البحرية، حيث شاهد بنفسه حجم الخراب والفساد الذي يعانيه هذا القطاع الحيوي في البلاد، تفاجأ الرئيس بمشهد يكشف حقيقة ساحقة، إذ تحوّلت معظم العربات إلى ركام من الحديد المصاب بالصدأ، بعد أن أصبحت غير صالحة للاستعمال؛ وفي هذا الوقت، يعاني المواطنون في تونس من صعوبة التنقل، حيث يضطرون للانتظار لساعات طويلة في سبيل الحصول على وسيلة نقل تكون قد تشابهت مع الكارثة.
Description image
Description image
Description image
Description image
وأكد رئيس الجمهورية على الضرورة الملحة لوضع حد لهذا الوضع المأساوي، الذي تسبب في تعثر حركة المواطنين وتأثير سلباً على حياتهم اليومية، فلقد أصبحت السكك الحديدية للمترو الخفيف مثالاً حياً على الفساد الذي اجتاح هذا القطاع على مر العقود، كما قد تم وضع هذه السكة الحديدية بعد أن خسرت المجموعة الوطنية آلاف المليارات، ثم تم ردمها في شوارع تونس العاصمة، "جان جوريس" و"لوي براي"، نتيجة تدخل المتنفذين آنذاك داخل السلطة. إلى جانب ذلك، فقد تم اقتناء عربات المترو التي لا تتناسب مع مقاييس السكة الحديدية، حيث يجد المسافرون صعوبة في الصعود والنزول من العربات، ناهيك عن الأبواب التي تفتح دون مستوى الرصيف داخل المحطات، مما يعرض حياة المسافرين للخطر.
إن هذا الحال المأساوي للنقل العام في تونس يشير إلى فشل كبير في الإدارة والمراقبة والصيانة، وهو أمر لا يمكن تجاهله، حيث يجب أن ندرك أن النقل العام هو عمود فقري للتنمية الحضرية المستدامة ورفاهية المجتمع، فإذا تم تجاهله أو إهماله، فإن ذلك يؤثر على حياة الناس ويعزز الانقسامات الاجتماعية والاقتصلب الاقتصادي؛ لذلك، يجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات عاجلة لإصلاح هذا القطاع وضمان توفر وسائل نقل عامة آمنة وموثوقة للمواطنين.
أولا وقبل كل شيء، يجب أن يتم التركيز على صيانة وتجديد البنية التحتية للسكك الحديدية ومترو الأنفاق. يجب إعادة تأهيل العربات التالفة وتجديد القطارات القديمة، بحيث تكون قادرة على تلبية احتياجات المسافرين بكفاءة وأمان، اذ يجب أيضا تحسين البنية التحتية للمحطات وتوفير منصات رصيف مناسبة لتيسير عملية الصعود والنزول.
Description image
Description image
Description image
Description image
ثانيا، يجب أن يتم تحسين إدارة ورقابة قطاع النقل العام، اذ يجب أن يتم تعزيز الشفافية والمساءلة في عمليات الشراء والتعاقدات لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي وتجنب الفساد، كما ينبغي أيضا توفير التدريب والتأهيل للموظفين لتعزيز كفاءتهم ومهاراتهم في تشغيل وصيانة وسائل النقل.
ثالثا، يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة لتحسين نظام النقل العام في تونس، وينبغي تنسيق الخدمات المختلفة مثل الحافلات والتاكسي والقطارات والمترو الخفيف لتوفير نظام متكامل ومتناسق للمواطنين، كما يجب أيضا توفير خطط مستقبلية لتطوير النقل العام وتوسيع شبكة السكك الحديدية وتحسين الوصول إلى المناطق النائية.
في النهاية، يجب أن تولي الحكومة الأولوية لتحسين النقل العام في تونس، و يجب أن تتعاون الحكومة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق هذه التحسينات الضرورية، كما لابد من أن يكون هناك التزام حقيقي بتوفير وسائل نقل عامة جيدة وموثوقة للمواطنين، لأنهم يستحقون نظام نقل يلبي احتياجاتهم ويسهم في تحسين جودة حياتهم وتعزيز التنمية المستدامة في تونس.
إيمان مزريقي