قد يبدو مثيراً، أن يصبح رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد كبش فداء للساسة في تونس.. فالصيد، يعني باللهجة العامية المحلية الأسد.
والأكثر إثارة، أن يجد الرجل الذي يجمع التونسيون على جديته، أن يجد نفسه على هامش المشهد السياسي في لحظة يعترف له خصومه بأنه نجح في محاصرة الإرهاب واستعادة الأمن للبلاد، وبخاصة منذ عملية بنقردان في أوائل مارس المنقضي، كذلك في الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن المالي والاقتصادي، في ظرف يؤكد الخبراء صعوبته على البلاد.
ورغم أن الشارع التونسي ينظر بإعجاب إلى هدوء الحبيب الصيد (67 عاماً)، وبرودة أعصابه وسرعة تحركاته، إلا أن الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي كان وراء ترشيحه لتشكيل أول حكومة للجمهورية الثانية في يناير 2015، أخذ عن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة القدرة على التضحية برجاله، عندما ينتهون من أداء أدوارهم، خصوصاً أن السبسي لا ينفي تأثّره البالغ ببورقيبة، بعد أن كان عمل معه 30 عاماً، مديراً وسفيراً ووزيراً.
صراع الكواليس
والتضحية بالصيد، يقف وراءها صراع سياسي في كواليس الحكم في البلاد، خصوصاً بعد أن رفض أن يكون جزءاً من الخلافات الحادة التي أدت إلى تشقق حركة نداء تونس، وهو ما جعله في مرمى سهام حافظ قايد السبسي، نجل الرئيس، والمسيطر على واجهة ما تبقى من النداء، بعد استبعاد منافسيه، ومن بينهم رضا بلحاج الذي تم استبعاده من منصبه كمدير للديوان الرئاسي ثم من مركزه في الحزب، والمعروف عنه تحالفه مع الحبيب الصيد.
كما دفع الصيد ثمن قربه من حركة النهضة، حيث كان يعتقد أنها قادرة على الوقوف معه في اللحظات العصيبة، إلا أنها تخلت عنه، عندما وجدت أن الإطاحة به قد تمنحها وضعاً أفضل. ويبدو أن الرجل أدرك متأخراً أن الإسلاميين يهدفون إلى ضمان تحالفهم مع نجل الرئيس، في خطة مرتبطة بمستقبل الحكم في البلاد.
ارتياح
إلى ذلك، كان واضحاً أن قرار الإطاحة بالصيد، بعث ارتياحاً في نفوس قياديي حزب آفاق تونس، الشريك الرابع في الائتلاف الحاكم، في ظل الصراع الذي كان قائماً بين زعيم الحزب ياسين رمضان وزير الاستثمار والتعاون الدولي ورئيس الحكومة، وكذلك لدى زعيم الشريك الثالث حزب الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي الذي كان من أشد منتقدي الصيد.
راحة
رغم أن استبعاد الصيد قد يبدو قاسياً، إلا أن المقربين منه، يرون أنه قد يكون أول المستفيدين من ترك قصر الحكومة بالقصبة، أولاً لأنه عاني من حالة إرهاق وصلت إلى حد نقله إلى المستشفى العسكري مرتين، وثانياً، لأن البلاد تتجه لمواجهة الظرف الأصعب اقتصادياً واجتماعياً، منذ الإطاحة بالنظام السابق في يناير 2011.