بقلوبٍ يعتصرها الألم، وتحت سماء تشتعل غضبا ووسط حقول القمح الذهبية التي بدأت تذبل عطشا، ارتفعت صرخة فلاحي الجهة في وجه سياسة التجاهل واللامبالاة، دعوة الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري لم تكن مجرد وقفة احتجاجية، بل كانت صرخة ألم ورجاء أخير لإنقاذ ما تبقى من صابة الحبوب التي تمثل عصب الحياة لهذه المنطقة.
انقطاع مياه الري، الذي طال أمده، لم يعد مجرد تهديد، بل تحول إلى واقع مرير أتى على الأخضر واليابس، فالخبراء الذين عاينوا الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمزارع، أكدوا أن جزءا كبيرا من صابة الحبوب، بل وبعض الزراعات الصيفية، مهددة بالضياع.
الفلاحون، الذين اعتادوا على مواجهة تقلبات الطبيعة بصبر وثبات، وجدوا أنفسهم اليوم أمام عدو جديد " الإهمال الإداري سياسة المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية "، التي وصفها المحتجون بالمعتمدة، لم تراعِ حاجة الأرض للماء، وحاجة الفلاحين لضمان قوت يومهم.
مطالب المحتجين واضحة وبسيطة، توفير الكميات المطلوبة من المياه بشكل مستمر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من صابة الحبوب، وجبر أضرار الفلاحين المتضررين بشكل فوري، هم لا يطلبون المستحيل، بل يطالبون بحقهم في الحياة، وحق أرضهم في أن تتنفس وتنتج.
صرخة فلاحي جندوبة ليست موجهة فقط لوالي الجهة وسلطة الإشراف، بل هي موجهة لكل مسؤول في هذا البلد، إنها دعوة للاستيقاظ من سبات الإهمال، والالتفات إلى معاناة شريحة هامة من المجتمع التونسي، فالأمن الغذائي للبلاد على المحك، ومصير آلاف العائلات معلق بخيط رفيع.
فهل من مجيب؟
ايمان مزريقي