يشهد الأول من ماي من كل عام احتفالات عالمية بعيد الشغل، تكريما للعمال ولنضالاتهم في سبيل تحسين ظروف عملهم والدفاع عن حقوقهم، إلا أن هذا اليوم في تونس يحمل في طياته مرارة مضاعفة، فهو إلى جانب كونه عيدا للعمال، يعد أيضا مرآةً تعكس واقع البطالة القاسي الذي يعيشه شبابها.
تعدّ البطالة في تونس من أبرز التحديات التي تواجهها البلاد، حيث بلغت نسبتها 16.1% في الربع الأول من عام 2023، وفقا للمعهد الوطني للإحصاء، وتعدّ فئة الشباب الأكثر تضررا من هذه الظاهرة، إذ تصل نسبة البطالة بينهم إلى 32.7%.
كما تتعدد أسباب تفاقم البطالة في تونس، من بينها ضعف النمو الاقتصادي، وعدم مواءمة التعليم مع سوق العمل، والفساد المستشري، وقد أدت هذه الأسباب إلى تفاقم مشكلة الهجرة غير الشرعية، حيث يحاول شباب تونس الهروب من واقع البطالة القاسي عبر المخاطرة بحياتهم في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر.
وفي هذا السياق، يطرح السؤال: هل يُمكن اعتبار الأول من ماي عيدا للعمال في تونس في ظل تفاقم أزمة البطالة؟
هذا ويجيب البعض على أن عيد الشغل يعد مناسبة لتذكير الحكومة بضرورة العمل على حل مشكلة البطالة، وتحسين ظروف العمل للعمال، بينما يرى آخرون أن هذا اليوم يعد مناسبة حزينة تذكر الشباب التونسي بواقعهم المرير، وتعمق شعورهم بالإحباط واليأس.
ومهما اختلفت الآراء، تبقى هذه المناسبة هامة لتسليط الضوء على مشكلة البطالة ، والدعوة إلى إيجاد حلول جذرية لها، فتونس بحاجة إلى شبابها وطاقاتهم لبناء مستقبل أفضل، ولا يُمكن تحقيق ذلك في ظل استمرار أزمة البطالة.
كما يجب على الحكومة التونسية أن تضع حل مشكلة البطالة على رأس أولوياتها، وأن تعمل على إيجاد حلول جذرية لها، ولعل من بين هذه الحلول دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الواعدة، وتطوير نظام التعليم بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل.
إن الأول من ماي يعد مناسبة دائمة لتذكير الجميع بأن البطالة ليست مجرد رقم، بل هي مأساة إنسانية تدمر حياة الشباب وتهدد مستقبل تونس، لذا يجب على الجميع من حكومة ومجتمعا مدنيا، أن يتكاتفوا للعمل على حل هذه المشكلة، وإعطاء الشباب الأمل بمستقبل أفضل.
ايمان مزريقي