في خطوةٍ تحمل بين طيّاتها الكثير من المعاني والرسائل القوية، استقبل رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيّد، وزيرة العدل ليلى جفال، مؤكدا بذلك على سيادة القانون ومساواة الجميع أمامه، وقد جاء هذا الاستقبال ليضع حدا للشائعات التي تروج لمواجهة السلطة التنفيذية مع هيئة المحامين.
فحسب ما صرح به رئيس الدولة، فإن حق التقاضي وحق الدفاع، مكفولان دستورياً، ولا مجال لتغليب طرف على آخر، خاصةً أن سلك المحاماة في تونس يزخر بمواقف تاريخية مشرفة للعديد من المحامين، الذين كانوا سنداً للوطن قبل الاستقلال وبعده، وشدد سعيّد على أن المحامي يخضع للقانون كبقية المواطنين، وأن هيئة المحامين لم تتردد يوماً في تأديب من يخالف واجباته وشرف المهنة.
ولكن، ما حدث في الأيام الأخيرة، حسب رئيس الجمهورية، لا يتعلق بسلك المحاماة في جوهره، إنما هو امتهان لكرامة الوطن من قبل بعض الأشخاص الذين اعتادوا على تحقيره والتقليل من رموزه في وسائل الإعلام، بل والاعتداء بالعنف على رجال الأمن، في مشهدٍ يُشين من يرتكبه ولا يشرف مهنة المحاماة التي هي أشرف من أن ينتسب إليها أمثال هؤلاء.
وجاءت رسالة سعيّد حازمة وواضحة، بأن من يحقّر وطنه ويتعدى على قوانينه، لن يفلت من العقاب، فكرامة الوطن خط أحمر، ولا مجال لقبول امتهانها من الداخل كما من الخارج، مذكرا بأن الفصل 36 من الدستور يُ
لزم الدولة التونسية بضمان معاملة إنسانية لكل سجين تحفظ كرامته.
ولكن، يبدو أن بعض الدوائر الرسمية وغير الرسمية في الخارج، تحمي من يُرذل وطنه من الداخل، في محاولةٍ منها لاستغلال بعض الأحداث وإثارة الجدل حولها، والتغطية على قضايا أهم، كقضية المحامي الذي تم الاحتفاظ به بأمر من النيابة العمومية، بتهم خطيرة منها المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض الأموال، فلماذا لا يثير هؤلاء الجدل حول مثل هذه القضايا؟ يتساءل رئيس الجمهورية.
وأكد سعيّد أن ما حدث لا يمكن وصفه باقتحام دار المحامي، فهي مكان يقع فوق التراب التونسي يخضع للقانون التونسي، ولا يصح أن يتخذها البعض حصناً لهم، ويرددون أكاذيب الاقتحام، فالقانون ضامن للحقوق والمحاكمة العادلة.
هذه الرسالة الرئاسية الحازمة، يجب أن تكون نبراساً لكل من تسول له نفسه امتهان كرامة هذا الوطن، فاليد التي تمتد إليه بالسوء، ستقابل بالردع والقانون، فلا مكان فوقه، ولا أحد يعلو عليه، وتبقى تونس دولة قانون، تحمي رموزها وكرامة أبنائها، ولا تتهاون مع من تسول له نفسه المساس بها.
ايمان مزريقي