في ظل الدهشة التي أثارها موقف بوعسكر تجاه قرارات المحكمة الإدارية، يتضح أن هناك شيئاً أعمق يحتاج إلى المناقشة. لقد نسينا، أو بالأحرى تغافلنا، أن هذه القرارات لم تعد تلقى الاهتمام اللازم، بل أصبحت مستهانة بها حتى من وزارات السيادة نفسها. هذا الواقع ليس بجديد، بل هو امتداد لسياسة تجاهل بدأت منذ سنوات.
تذكروا الإطارات الأمنية المعزولة الذين لجأوا إلى المحكمة الإدارية وحصلوا على أحكام بإعادتهم إلى وظائفهم، ومع ذلك، لم تُنفذ هذه الأحكام منذ عهد علي العريض. هل نسيتم عندما صرح العريض بأن تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية "ليس بالضرورة"؟ هذا التصريح كان بمثابة إشارة خضراء لتجاهل القانون وسيادة القضاء.
ولا يمكن أن نغفل عن قصة العقيد لطفي القلمامي وغيره من الإطارات الأمنية الذين صدرت لصالحهم أحكام قضائية ولكنها بقيت حبيسة الأدراج. هذه ليست مجرد حالات فردية بل هي جزء من نمط مستمر من الاستهانة بأحكام القضاء، وهو أمر يعكس تآكلاً في هيبة الدولة ومصداقيتها.
نحن، كشعب وكأمة، شاركنا في هذا الوضع، سواء بصمتنا أو بتأييدنا غير المباشر. واليوم، لا يحق لنا إلقاء اللوم على شخص واحد أو جهة واحدة، بينما نتغاضى عن مسؤوليتنا الجماعية. حان الوقت لنعيد التفكير في موقفنا ونتجاوز خلافاتنا واختلافاتنا من أجل إعلاء القانون وسيادة القضاء. نحن بحاجة إلى الاعتراف بأخطائنا والعمل على تصحيحها، لأنه لا مستقبل لبلدٍ لا تُحترم فيه قرارات المحاكم.
إن قرارات المحكمة الإدارية ليست مجرد أوراق، بل هي تعبير عن سيادة القانون الذي يجب أن يعلو على الجميع دون استثناء. وإذا كنا نريد بناء دولة حقيقية، فإن تنفيذ هذه القرارات يجب أن يكون من أولوياتنا.
قراءة في تدوينة الأستاذة وفاء الشاذلي