تحتفل تونس بالذكرى 197 لإنشاء علمها الوطني، عبر مجموعة من التظاهرات والفعاليات الوطنية التي تجسد رمزية العلم في وجدان الشعب التونسي. من أبرز هذه الفعاليات مسيرة رمزية في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، بمشاركة واسعة من الجمعيات والمنظمات الوطنية، مثل جمعية الهلال الأحمر التونسي والمنظمة الوطنية للطفولة التونسية "المصائف والجولات"، إضافة إلى جمعية "تراثنا" التي تشرف على تنظيم العديد من الأنشطة ذات الطابع التاريخي والثقافي.
مقالات ذات صلة:
محكمة تونس ترفض الإفراج عن المتهمين في قضية رفع العلم التركي
رفع علم دولة أجنبيةفوق مبنى حكومي: النيابة العمومية تفتح تحقيقاً وتحتفظ بأربعة أشخاص
الوفد العراقي يهدد بالانسحاب من أولمبياد باريس 2024 بسبب العلم الإسرائيلي
في هذا السياق، صرح يوسف همام، الكاتب العام لجمعية "تراثنا"، بأن هذه التظاهرة تأتي تخليداً لذكرى إنشاء العلم التونسي بقرار من حسين باي بن محمد في 20 أكتوبر 1821، واعتماده رسمياً سنة 1831. ومنذ ذلك الحين، ظل العلم التونسي رمزاً للوحدة والسيادة الوطنية، يرفرف بثبات على مر العصور، متحدياً التحديات والتغيرات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.
العلم التونسي: قصة أمة وسرد تاريخي
يتكون العلم التونسي من خلفية حمراء تحمل دائرة بيضاء بداخلها هلال يحتضن نجمة خماسية. هذه الرموز ليست مجرد أشكال هندسية، بل هي تعبير عن الهوية الثقافية والحضارية للبلاد. اللون الأحمر يشير إلى الدماء التي سالت في سبيل الوطن، فيما يمثل اللون الأبيض السلام والطهارة. الهلال والنجمة هما رمزان للإسلام، الدين الذي يشكل جزءًا رئيسيًا من هوية الشعب التونسي.
على مر التاريخ، ظل العلم التونسي شاهداً على أهم المحطات التاريخية التي مرت بها البلاد، من فترة الحكم العثماني إلى الاستعمار الفرنسي، وصولاً إلى الاستقلال في 20 مارس 1956. في جميع هذه الفترات، كان العلم رمزا للصمود والتحدي. واليوم، يرفرف العلم على المباني العامة، في المدارس، ومراكز البعثات الدبلوماسية التونسية بالخارج، وفي المحافل الدولية، تأكيدًا على حضور تونس بين الأمم.
رمزية العلم في الحياة اليومية
منذ سنة 1989، فرضت الدولة التونسية تحية العلم وعزف النشيد الوطني في جميع المدارس يومياً. هذه الخطوة جاءت لتعزيز روح الانتماء الوطني لدى الأجيال الناشئة، حيث أصبح العلم جزءاً من حياتهم اليومية، رمزاً للوحدة والفخر الوطني. إضافة إلى ذلك، يلتزم التونسيون في مختلف المؤسسات الرسمية والاحتفالات الوطنية بتحية العلم، تأكيدًا على مكانته في قلوبهم.
تحديات العصر واستمرارية الرمز
على الرغم من مرور ما يقرب من قرنين من الزمن على اعتماد العلم التونسي، يظل هذا الرمز ثابتاً، صامداً في مواجهة التحديات التي تعيشها تونس اليوم. في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد بعد ثورة 2011، يظل العلم رمزاً للأمل والتطلعات المشتركة نحو مستقبل أفضل. لا يزال يلهم الشباب للنضال من أجل قيم الحرية والديمقراطية التي قامت عليها الدولة التونسية الحديثة.
العلم التونسي في العالم
يرفرف العلم التونسي في مختلف أنحاء العالم، فوق سفارات تونس وقنصلياتها، وأيضًا في المحافل الرياضية والثقافية الدولية. على مدى عقود، كان العلم التونسي حاضرًا في البطولات العالمية، مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم، حيث جسّد رمزية الانتماء والفخر الوطني.
تستمر تونس في تكريس قيم الحرية والسيادة التي يمثلها العلم، حيث يتم تقديم العلم في جميع المناسبات الوطنية الكبرى، مثل الاحتفال بعيد الاستقلال وعيد الثورة، بالإضافة إلى ذكرى تأسيس الجيش الوطني التونسي.
العلم رمز السيادة والعزة
يظل العلم التونسي، على مر السنين، رمزا للسيادة والعزة، وشاهداً على كفاح الشعب التونسي من أجل الحرية والكرامة. ومع مرور الذكرى 197 لإنشاء هذا الرمز الوطني، يبقى العلم مصدر إلهام لكل التونسيين، ومرجعًا راسخًا يعزز قيم الوحدة الوطنية والافتخار بالهوية التونسية.
تجسد احتفالات اليوم إيمان التونسيين بقدسية العلم، وارتباطهم العميق بتاريخه وتضحيات أجيال قدمت الكثير في سبيل الحفاظ على كرامة الوطن.