في خطوة تعد بمثابة صرخة احتجاج ضد السياسات الحالية، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن تنظيم مسيرة نقابية غدًا، إحياءً للذكرى الـ72 لاغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، حيث ستنطلق المسيرة من أمام مقر الاتحاد نحو ضريح الزعيم الراحل في القصبة. وُيُنتظر أن يُلقي الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، كلمة قوية تؤكد على تمسك الاتحاد بالمطالب الشعبية في هذه الذكرى التي تحمل في طياتها عبق النضال والتضحية من أجل الحقوق والحريات.
مقالات ذات صلة:
الاتحاد العام التونسي للشغل يفتتح مقره التاريخي في عيد الشغل
رد فعل اتحاد نضال العمال الفلسطيني على تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل
وفي بيان مثير، لم يخفِ الاتحاد غضبه من الوضع الراهن، حيث جدد رفضه القاطع لأي محاولة لتقليص الحقوق والحريات العامة، وأكد على أن التضييق على الحقوق النقابية، خاصةً الحق في الإضراب، يعد تجسيدًا لسلطة استبدادية تسعى إلى تكميم الأفواه. وأشار الاتحاد إلى أن هذه الممارسات تشبه الحقبة المظلمة من تاريخ تونس التي كان فيها الشعب يعاني من قبضة الدكتاتورية، مطالبًا بإلغاء المرسوم 54 الذي يهدد الحريات ويدخل البلاد في حالة من التسلط.
وفي تحدٍّ مباشر، دعت النقابة إلى استئناف الحوار الاجتماعي الذي يُعتبر "المكسب الوطني" الذي يجب الحفاظ عليه مهما كانت الظروف، مشددةً على أن هذا الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية والتقدم الحقيقي في البلاد. وفي رسالة صريحة، أكد الاتحاد أن أيّ تحرّك سياسي أو اقتصادي يجب أن يكون مبنيًا على أسس تشاركية فعلية، مستنكرًا كل محاولات الهروب من هذا المسار.
كما لم يغفل الاتحاد عن القضايا الملحة التي تشغل المواطن التونسي في هذه الفترة العصيبة. فقد طالب بفتح مفاوضات اجتماعية حقيقية لتحسين الأجور ومراجعة التشريعات الشغلية في إطار حماية حقوق العمّال الذين يعانون من تدهور قدرتهم الشرائية، في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية ورفع الدعم عن الكثير من السلع. وعبّر عن تمسكه بضرورة مراجعة الأعباء الضريبية التي تثقل كاهل العامل التونسي.
لم تتوقف مطالب الاتحاد عند هذا الحد، حيث أكد أيضًا ضرورة إنقاذ المرافق العامة التي تشهد انهيارًا مريعًا، مثل قطاعي الصحة والتعليم والنقل، مُشدّدًا على أن هذه المرافق تشكل ضمانات أساسية للتقدم الاجتماعي وركائز رفاه الشعب التونسي. وتزامنًا مع ذلك، وجه الاتحاد دعوة ملحة لفتح حوار موسع حول مؤسسات الدولة لتحديد سبل إصلاحها، وضمان استمراريتها في تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.
ولم يغفل البيان عن قضية التشغيل الهش، حيث طالبت النقابة بفتح مفاوضات لتجاوز هذه الظاهرة التي تمثل شكلاً جديدًا من العبودية المعاصرة. وأشار إلى أن ما يقارب عشرات الآلاف من الأجراء يعانون من أوضاع صعبة نتيجة عقود غير مستقرة وعمالة مؤقتة، داعيًا إلى حلول جذرية لحماية حقوقهم.
وفي الختام، أصر الاتحاد على ضرورة تطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة، وعلى رأسها اتفاقيات 6 فبراير 2021 و15 سبتمبر 2022، من أجل تحسين الشروط المعيشية للأجراء في القطاعين العام والخاص. ودعا إلى تنفيذ مفاوضات قطاعية عاجلة لتحسين الأجور، مع ضرورة أن تتضمن هذه المفاوضات الشقين المالي والترتيبي، بما يضمن تحسنًا ملموسًا في وضعية العامل التونسي.
إن الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يقف اليوم في وجه الممارسات التي تهدد حقوق المواطنين، يؤكد على أن "المرحلة القادمة هي مرحلة الاصطفاف الجماعي وراء مطالب الشعب"، وأنه لن يتراجع عن الدفاع عن حقوق العمّال التونسيين مهما كانت التحديات.
