اختر لغتك

النداء والنهضة يجرّان تونس نحو الفوضى السياسية

النداء والنهضة يجرّان تونس نحو الفوضى السياسية

الخلاف بين ائتلاف الحكم والمعارضة حول حكومة الوحدة، يتحول إلى حرب سياسية بشأن تركيبتها ومواصفات رئيسها.

انتقل الخلاف بين قصري الرئاسة بقرطاج والحكومة بالقصبة على خلفية مبادرة الرئيس التونسي الباجي قائدالسبسي بتركيز حكومة وحدة وطنية إلى حرب سياسية حول طبيعة الحكومة المرتقبة ومواصفات رئيسها بين الائتلاف الحاكم من جهة، والقوى المعارضة من جهة أخرى، ما بات ينذر بفوضى سياسية، وسط ضغوط كلّ من النداء والنهضة باتجاه حكومة سياسية فيما تدفع القوى الديمقراطية باتجاه تركيبة هيكلية وطنية جديدة.

وخلافا لما كان يتوقعه قائدالسبسي لم تقد مبادرته السياسية التي استفرد بقرار الإعلان عنها، سوى إلى انزلاق المشهد السياسي في مستنقع من الاستقطاب الحاد بين أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يقوده كل من نداء تونس وحركة النهضة، من جهة وبين القوى الديمقراطية المعارضة له من جهة أخرى.

وبعد مجاهرة الأحزاب الحاكمة وهي النداء والنهضة وآفاق تونس والوطني الحر برفع غطائها السياسي عن رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد، انتقل الخلاف بين قائدالسبسي والصيد إلى المشهد السياسي ليتحول إلى نوع من الحرب بين الائتلاف الحاكم الذي يدفع باتجاه المحافظة على الهيكلة الحالية للحكومة، وبين القوى الديمقراطية التي تتمسك بتركيز هيكلة حكومية وطنية جديدة أكثر انفتاحا عليها.

ويبدو أن كل من النداء والنهضة استفادا كثيرا من رفض الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية القوية، المشاركة في الحكومة المرتقبة ليقودا معركة ضد الأحزاب الديمقراطية، في مسعى إلى الحفاظ على هيكلة الحكومة الحالية بما يضمن تموقعهما في مراكز القرار الحكومي.

ويقود كل من حافظ قائدالسبسي المدير التنفيذي للنداء وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة منذ إطلاق المبادرة قبل نحو شهرين جهودا للإبقاء على هيكلة الحكومة الجديدة مع تطعيمها ببعض الشخصيات الموالية لهما، على أن تقودها شخصية سياسية تحظى بتزكيتهما مسبقا.

وعلى الرغم من مجاهرة النداء والنهضة بتأييدهما لحكومة الوحدة إلا أن قيادتهما ما انفكت تدفع باتجاه أن يكون رئيس الحكومة القادم شخصية قيادية من النداء، متعللة بأن الحزبين المتحالفين يمتلكان الأغلبية البرلمانية.

غير أن ضغوط قيادات النداء والنهضة اصطدمت بمعارضة قوية من قبل القوى السياسية الديمقراطية العلمانية التي تتمسك بأن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة تتمتع بالكفاءة والجرأة وشجاعة الإرادة.

وأثار ضغوط النداء والنهضة قلق علمانيي تونس ما دفع بحمة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية إلى التشديد على أن الحكومة القادمة ستكون أخطر من الائتلاف الحاكم حاليا في إشارة ضمنية سطوة تحالف النداء والنهضة.

وتفجرت خلال الأيام القليلة الماضية حرب سياسية بين مكونات الائتلاف من جهة، ومختلف القوى السياسية المشاركة في المشاورات من جهة أخرى حول طبيعة الحكومة المرتقبة ومواصفات رئيسها.

وتقول القوى السياسية المعارضة إن خروج البلاد من الأزمة بعد فشل الائتلاف يستوجب القطع مع الاستقطاب السياسي بين الحاكمين والمعارضين، وتركيز تركيبة أكثر انفتاحا على المشهد السياسي تصهر مختلف القوى في مشروع وطني يكون كفيلا بإطلاق إصلاحات هيكلية كبرى.

ويشدد سمير الطيب أمين عام حزب المسار على ضرورة تركيز هيكلة حكومية جديدة تمكن من تجاوز المحاصصة الحزبية ومحاولة النداء والنهضة من الاستئثار بالحكم، وهو يؤكد على ضرورة أن يكون رئيس الحكومة مستقلا ويمتلك معرفة ودراية بالواقع السياسي وقدرة على رئاسة حكومة وطنية.

ومن جهته يرى إياد الدهماني القيادي في الحزب الجمهوري أن المهم أن يكون رئيس الحكومة القادم يمتلك رؤية قادرة على إدارة مشهد سياسي متنوع، وقيادة فريق حكومي سيواجه تحديات كبرى وقادر على كسب تأييد الشعب.

وتشدد القوى الديمقراطية على أن نجاح الحكومة المرتقبة يبقى رهن اختيار رئيس حكومة كفء ومستقل يقف على نفس المسافة من كل الأحزاب، بما من شأنه أن يضمن الحد المقبول من الأداء السياسي، ويقطع مع ارتهان القرار الحكومي لسطوة النداء والنهضة اللذين فشلا في الحكم.

وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية محسن الوافي لـ"ميدل إيست أونلاين" إن "حدة الجدل بين النداء والنهضة من جهة والأحزاب الديمقراطية من جهة أخرى حول طبيعة تركيبة الحكومة المرتقبة وحول مواصفات رئيسها، تنذر بانزلاق تونس في الفوضى السياسية قد تلقي بضلالها السلبية على الأوضاع العامة الهشة بالبلاد".

وشدد الوافي على أن "قيادة الحزبين المتحالفين للحوار والمفاوضات في ظل غياب قوى معارضة مؤثرة مثل اتحاد الشغل لن يقود سوى إلى مزيد تعقيد المشهد السياسي الذي مزقته تجاذبات حزبية غير مسؤولة".

وفي مسعى إلى التخفيف من سطوة النداء والنهضة، دعا محسن مرزوق الأمين العام لحزب مشروع تونس إلى بناء "جبهة وطنية ديمقراطية" تضم مختلف القوى التي تؤمن بقيم دولة المواطنة والنظام الجمهوري.

غير أن دعوة مرزوق الذي أسس مشروع تونس لمناهضة الإسلام السياسي تعترضها العديد من الصعوبات، وفي مقدمتها تشرذم القوى الديمقراطية وغياب أية قواسم سياسية مشتركة نتيجة توجهاتها الحزبية الضيقة.

وينبه الأخصائيون في العلوم السياسية من المخاطر المحدقة بتونس في حال فشل التوصل إلى تركيبة حكومية جديدة تكون في مستوى تطلعات القوى السياسية، وأيضا في مستوى تطلعات مخاطر الأوضاع العام بالبلاد.

وحذر محسن الوافي في تصريح لـ"ميدل إيست أونلاين" "من مخاطر إعادة تركيز نسخة جديدة من تركيبة الائتلاف الحاكم"، مشددا على أن "تونس تخطو نحو الفوضى السياسية الخطرة التي قد تهدد أداء مؤسسات الدولة والسلم الاجتماعية في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية وأمنية هشة".

وشدد محسن الوافي على أن "تونس اليوم في أمس الحاجة إلى تركيز هيكلة حكومية جديدة تقودها شخصية مستقلة تجفف منابع الاستقطاب السياسي وتحشد مختلف القوى في إطار مشروع برامجي يكون كفيلا بالرفع من أداء مؤسسات الدولة، بما من شأنه أن يقود بالبلاد إلى الخروج من أزمتها".

ويبدو أن بوادر الفوضى السياسية بدأت تتسلل إلى المشهد السياسي، إذ أكد شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على أن هناك حسابات حزبية وراء تأخير الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في ربيع 2017، مشددا على أن هناك أحزاب وسياسيين مصلحتها تصب في تأخير الانتخابات البلدية لأكثر وقت ممكن.

آخر الأخبار

الحكم بالسجن 9 سنوات لصهر بن علي في قضية فساد مالي

الحكم بالسجن 9 سنوات لصهر بن علي في قضية فساد مالي

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

الإصلاح التربوي في تونس: أزمة بنيوية تتطلب إعادة التفكير الجذري في المنظومة التعليمية

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

السجن لرجل أعمال ورئيس جمعية رياضية بتهم فساد مالي

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

ريادة الأعمال النسائية في تونس: نحو اقتصاد أخضر وشامل لتحقيق التنمية المستدامة

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

Please publish modules in offcanvas position.