بدأت تونس، أمس الأحد، مرحلة سياسية جديدة غداة سحب البرلمان الثقة من حكومة الحبيب الصيد، التي استلمت مهامها قبل عام ونصف، عقب انتخابات تشريعية جرت نهاية العام 2014.
وصوّت برلمان تونس، بأغلبية كبيرة بالموافقة على سحب الثقة من حكومة "الصيد"، حيث وافق 3 نواب فقط على تجديد الثقة في الحكومة، وتحفّظ 27، ورفض 118، فيما امتنع نواب كتلة الجبهة الشعبية "15 عضوًا من المعارضة" عن المشاركة في التصويت.
ويترقب الشارع التونسي تنفيذ المرحلة الثانية من مبادرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي اقترحها رئيس البلاد الباجي قائد السبسي، في يونيو الماضي، للتعرف على ملامحها وأهم الخطوط العريضة لبرامجها في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه البلاد.
ويرى متابعون للشأن السياسي في تونس، أن الحكومة المرتقبة سيواصل قيادتها الائتلاف الحاكم، ولن تحمل في تركيبتها مفاجآت لكنها في المقابل ستكون أمام تحديات أكبر من الحكومة التي سبقتها.
ويضم الائتلاف الحاكم في تونس أحزاب نداء تونس 67 نائبا ًفي البرلمان بعد انشقاق 27 نائبا، والنهضة 69 نائبا، والاتحاد الوطني الحر 12 نائبا، وآفاق تونس 10 نواب من مجموع 217 نائبا.
وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية، وديع بن عيسى، لـ"الأناضول" إن ملامح الحكومة الجديدة لا يمكن أن تحمل مفاجآت للشارع التونسي، فالأحزاب الأٍربعة التي تشكل الائتلاف الحاكم ستكون ممثلة في هذه الحكومة، وربما يحافظ بعض الوزراء على حقائبهم.
واعتبر بن عيسى الاستغناء عن رئيس الحكومة الحبيب الصيد ينم عن رغبة من الائتلاف الرباعي لاستعادة ثقة الشعب التونسي المستاء من أداء الحكومة وأعضاء البرلمان.
وأضاف "مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية ناتجة عن دهاء سياسي للأحزاب الحاكمة التي تبحث عن تبييض صورتها وتحمل مسؤولية الفشل لرئيس الحكومة الحبيب الصيد في محاولة لكسب مزيد من الوقت، وامتصاص الضغط الشعبي المتصاعد في ظل الأزمات المتتالية في البلاد".
وفي آخر خطاب له أمام أعضاء البرلمان، قال الصيد، إنّ "بلاده في حاجة لحكومة أكثر فاعلية مستعدة لاتخاذ قرارات جريئة للتحرر الاقتصادي وخفض التكاليف".
من جانبه رأى الوزير السابق مهدي مبروك، المتخصص في علم الاجتماع، أن الحكومة الجديدة ستتشكل من 3 مكونات أساسية هي المكون الحزبي الذي سيستحوذ على 3 أرباع الحكومة، إضافة للشخصيات المستقلة، والكفاءات الوطنية التي تحسب على المنظمات الوطنية.
وشدد مبروك، على أن الحكومة المرتقبة ستكون أمام مخاطر عديدة لمواجهة لوبيات ومافيا المال والفساد الضاغطة التي كان الصيد أحد ضحاياها، وفق قوله.
ونوّه بأن "الصيد" كان ضحية اللوبي العائلي، في إشارة إلى ما يروج عن تعاظم دور نجل الرئيس حافظ قائد السبسي والحديث عن أنه وراء الاستغناء عن حكومة الصيد، الذي قد يتعاظم نفوذه مستقبلا لذلك ستواجه الحكومة المقبلة مثل هذه المخاطر، على حد تعبيره.
وستصدم الحكومة بحسب هؤلاء المراقين بملفات "شائكة" بسبب تراجع مؤشرات التنمية وتنامي معدلات البطالة وغلاء المعشية ما يثير القلق من تفجر الأوضاع الاجتماعية في بلد يضع خطواته الأولى في الديمقراطية.
ووفق بن عيسى فإن تونس ستواجه تحديات اجتماعية واقتصادية متصاعدة بسبب تراجع نسبة النمو إلى أدنى مستوياتها ما يتطلب البحث عن حلول جذرية لمعالجة العقم الاقتصادي وإنعاش التنمية، وذلك من خلال حزمة من الإجراءات الصارمة والتصدي لكل أشكال التهريب والقضاء على مسالك الاقتصاد الموازي إضافة إلى محاربة غول الفساد الذي تفشى في كل دواليب الدولة.
وأشار إلى أن إنقاذ تونس من أزمتها واتخاذ مثل هذه الإجراءات يحتاج إلى رئيس حكومة جريء ومستقل بعيدا عن كل الألوان السياسية حتى لا يكون مكبلا ويطبق القانون ويتخذ القرارات التي تهم مصلحة البلد بعيدا الدوائر الحزبية الضيقة.