حكومة الشاهد مطالبة بالقضاء على إرهابيي الجبال وتصفية البلاد من الخلايا النائمة حتى لا تتحول إلى ملاذات آمنة لمنتمي الدولة الإسلامية العائدين.
تونس - تخيم موجة من الخوف والارتباك على تونس في ظل الأخبار القادمة من ليبيا والتي تؤكد انحسار نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية، وان هزيمتهم في سرت باتت وشيكة.
وتخشى تونس عودة عدد كبير من أبنائها الذين انضموا لصفوف التنظيم دون التفطن إليهم، لا سيما في ظل ما يروج عن توجه عناصر الدولة الإسلامية المتمركزين في ليبيا نحو الحصول على جوازات سفر لمواطنين ليبيين والاستعداد لدخول التراب التونسي.
وعزز هذه المخاوف ما صدر في الفترة الأخيرة عن عدة مصادر ليبية قولها أن هناك أكثر من 600 إرهابي تونسي انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية بسرت قد اختفوا بعد العمليات العسكرية التي تشنها قوات البنيان المرصوص مدعومة بالقصف الأميركي المركز على المدينة الخاضعة لنفوذ التنظيم.
كما اعترفت بعض العناصر التي تم القبض عليها في سياق المعارك الدائرة هناك أن أكثر من 600 عنصر إرهابي تونسي قد قاموا بحلق لحاهم وتحصلوا على جوازات سفر مزيفة قاموا بتدليسها بإحكام عندما سيطروا سابقا على مصلحة الجوازات المركزية بسرت.
وغادر هؤلاء سرت نحو مناطق أخرى قريبة من الحدود التونسية ليتمكنوا من دخول التراب التونسي على شكل مجموعات صغيرة وفرادى وهدفهم الأوحد هو القيام بأعمال إرهابية بتونس والانضمام إلى المجموعات الإرهابية الأخرى المرابطة في الجبال التونسية.
وفي خضم هذه الأنباء زادت إرباكات التونسيين الذين لم يشفوا بعد من تبعات العمليات الإرهابية التي ضربت البلاد في مناسبات مختلفة، وعمقت أزمة الأمن في البلاد الذي لم ينجح حتى الآن في إيجاد تصورات وخطط أمنية قادرة على القضاء على مجموعات محدودة العدد والعتاد وتستقر في جبال المناطق الغربية.
رغم بعض النجاحات الأمنية المسجلة على امتداد هذه السنوات الأخيرة وخاصة أحداث بن قردان في مارس/آذار إلا أن ذلك لا يحمل المراقبين ولا التونسيين أنفسهم على الإقرار بأنه تم كسب الحرب على الإرهاب، لعدة أسباب.
أولا يقر الخبراء المختصين بالمجموعات الإرهابية أن الجماعات المسلحة والتي قد تتراوح أعدادها بين مائة ومائتي شخص على المرتفعات الغربية للبلاد وخاصة في جبال الشعانبي وسلوم وسمامة والمغيلة وغيرها من المعاقل الآمنة قد تمرست جيدا على الإرهاب في السنوات الأخيرة بسبب عدم قدرة الأمن التونسي على إيقاف هذه الجماعات مبكرا والسماح لها كي تعيد تشكلها في هذه المواقع السالف ذكرها، ما جعل كسب الحرب ضدها الآن غاية في التعقيد والصعوبة. وقد يصبح الأمر أكثر خطورة وقد يخرج عن السيطرة في حال انضمت المجموعات القادمة من ليبيا إليها، والحال أن مختلف التقارير تؤكد أن عناصر الدولة الإسلامية خضعوا جميعا لتدريبات هامة تجعل مهمة مواجهتهم تحديا آخر في حد ذاته.
ثانيا تبين في السنوات الأخيرة أن الخطر الإرهابي لا يكمن في تلك المجموعات المتمركزة في المرتفعات الغربية فقط، بل هناك وجه آخر أشد خطورة، إذ أن هناك عدد لا يستهان به من الخلايا النائمة في مختلف المدن التونسية، وهي تحديدا الأوكار التي تسرب العناصر الإرهابية إلى خارج البلاد طيلة الأعوام المنقضية.
ويقول المتابعون أن هذه الخلايا ستكون بمثابة نقطة الجذب للعناصر العائدة من ليبيا، حتى ترتب أنشطتها وتعد مخططاتها التي ستكون موجهة للداخل التونسي.
ومن الملفت أن هناك دراية لدى المؤسسة الأمنية بهذه الخلايا وتحديدا بأماكن تمركزهم التي غالبا ما تكون في المناطق الشعبية المكتظة والتي تعاني التهميش والخصاصة. ولكن لا توجد هناك أي تحركات في اتجاه وقف نشاطها أو ملاحقتها، بل هناك العديد من الأسماء التي سبق وان تم إخلاء سبيلهم بعد القبض عليهم ليتبين فيما بعد أنهم التحقوا بأوكار الارهاب الموزعة أساسا في ليبيا والعراق وسوريا.
وأمام الحكومة الجديدة تحديين أمنيين كبيرين في هذه الفترة بداية إبداء جرأة ونجاعة أكثر للقضاء على العناصر المتمركزة في المرتفعات الغربية، وتنظيم حملات تصفية البلاد من الخلايا النائمة المكشوفة لدى أجهزة الأمن حتى لا تكون ملاذات آمنة للعناصر العائدة من ليبيا.
كما تنتظره مهمة إعادة مراجعة التعيينات التي تمت على مستوى المعابر الحدودية والمطارات التي ثبت في أكثر من مناسبة أنها مستعدة لقبول الرشاوي مقابل عدم التفتيش والتثبت من القادمين والخارجين، فضلا عن خدمة البعض لفائدة أحزاب سياسية بعينها تدعم أنشطة الإرهابيين وساهمت في تسفير الكثير خارج البلاد.