تخيم على المشهد السياسي التونسي، ردود فعل “قصة صعود” شابين، في توقيت متزامن، على رأس أكبر حزبين رئيسيين، يشكلان قمة الهرم السياسي ، التنفيذي والتشريعي (حزب نداء تونس، وحركة النهضة الإسلامية) .. “يوسف الشاهد” على رأس النداء، و”زياد العذاري” على رأس النهضة.. زعيمان جديدان ، في سن الشباب =، كل منهما 41 عاما ، صنعهما “الشيخان” الغنوشي والسبسي.
وبصعود يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، إلى الموقع القيادي الأول في حزب نداء تونس، يكون الحزب الحاكم قد اتبع خطى منافسه الأول “حركة النهضة” في الدفع بزياد العذاري نحو مرتبة قيادية أولى في الحزب.
وترى الدوائر السياسية في تونس، أن توجه حزبي نداء تونس والنهضة ، لتجديد الدماء، والدفع بالشباب إلى المراكز الأولى القيادية، خطوة مفاجئة على مستوى تغيير القيادات ، وأن «صعود» الشابين يوسف الشاهد وزياد العذاري مُلخّصها أن الحزبين يتجهان نحو «صناعة» زعيم جديد داخل كل حزب بمواصفات جديدة ولغايات مُحدّدة.
والملاحظ وفق تحليل الدوائر السياسية في تونس، فإن كل من يوسف الشاهد وزياد العذاري، يجمعهما تاريخ الميلاد في العام 1975 قبل أن تجمعهما «قصة صعود» متشابهة، لشابين كانا الأوفر حظا داخل حزبيهما. فكلاهما لم يستهلك وقتا طويلا للتقدم والتطور داخل الحزب، ولم يتطلب منهما ذلك «مجهودا نضاليا» كبيرا داخل حزبيهما في مقارنة بينهما وبين قيادات ندائية أو نهضوية أخرى كانت مرشحة لأن تكون في المرتبة الاولى في الحزب وفي السلطة.
ووفقا لتقرير صحيفة الشروق التونسية، فإن زياد العذاري، تمكن من التدرج في ظرف 5 سنوات من مجرد عضو بحركة النهضة إلى نائب بالمجلس التأسيسي سنة 2011، ثم ناطقا رسميا باسم الحركة في أكتوبر/ تشرين الأول 2013. وفي 2015، كان المرشح الأبرز الوحيد للنهضة لعضوية حكومة الائتلاف الرباعي (حكومة الحبيب الصيد) فحصل على حقيبة وزارة التكوين المهني والتشغيل، وفي شهر مايو / آيار 2016 انتخب عضوا بمجلس شورى الحركة إلى جانب عضوية المكتب التنفيذي، وتحديدا في المنصب الأهم في الحركة بعد رئيسها مباشرة ، وهو منصب الأمانة العامة لها، قبل ان تواصل الحركة ترشيحه كأبرز ممثل لها في حكومة يوسف الشاهد عبر منحه حقيبة هامة تجمع بين قطاعين هامين هما الصناعة والتجارة.
أما يوسف الشاهد ففد جاء وافدا جديدا على حزب نداء تونس في العام 2013 قادما من حزب الجمهوري، ليصبح بعد بضعة أشهر عضوا فاعلا في المكتب التنفيذي مكلفا بالبرنامج السياسي لحملة الانتخابات الرئاسية للباجي قائد السبسي سنة 2014. ثم تم منحه مباشرة في أول حكومة بعد الانتخابات حقيبة وزير الدولة للصيد البحري في وزارة الفلاحة “الزراعة”، وواصل الشاهد صعوده ليتولى دورا قياديا بارزا في حزب نداء تونس، ويتم تكليفه من قبل رئيس الحزب الشرفي، الرئيس الباجي السبسي، بمهمة ترأس لجنة الـ13، التي أحدثت من أجل رأب الصدع الحاصل بين شقين بارزين داخل حزب نداء تونس، وفي شهر أغسطس / آب الماضي 2016 تم تكليفه بتشكيل حكومة الوحدة التونسية الجديدة 2016.
من الواضح أن يوصف الشاهد والعذاري هما الاكثر قُربًا من “الشيخين” زعيمي حزبيهما، الباجي قائد السّبسي، وراشد الغنوشي، والأكثر نيلا لثقتيهما في خدمة توجههما نحو التوافق والتشارك في الحكم وفي القرارات المصيرية التي تهم البلاد. وهو ما يُفسر ما وجداه أمامهما من طريق «ممهدة» للصعود تدريجيا نحو المواقع القيادية الاولى في حزبيهما وفي السلطة، ومن جهة أخرى تحضير «الزعيمين الشابين» لخلافة الشيخين على رأس كل حزب بدلا عن قيادات أخرى قد تكون خططت لذلك.
ويشير التقرير السياسي لصحيفة الشروق التونسية، إلى احتمال قائم بأن تكون الأمور، فيما بعد، غير محسومة بشكل نهائي نحو إرساء نهائي لزعيمين جديدين داخل حزبي النهضة والنداء. فالوضع يبدو متقلبا داخل حزب نداء تونس، وقد لا تسمح التطورات الجديدة بأن يواصل يوسف الشاهد المكانة التي يتبؤوها اليوم (رئاسة الهيئة السياسية).. كما أن الوضع داخل حركة النهضة يبدو بدوره مرشحا لتطورات أخرى قد يتغير معها وضع زياد العذاري.