الغنوشي يتجه نحو استقطاب شخصيات سياسية مؤثرة بما في ذلك العلمانية في سياق ترويجه لاستبعاد البعد العقائدي عن شروط الالتحاق بالحركة.
كشف قيادي بارز في حركة النهضة الإسلامية أن راشد الغنوشي وضع بمعية المكتب السياسي الموالي له خطة تهدف إلى التغلغل في مفاصل المجتمع السياسي من خلال استقطاب أكثر ما يمكن من الشخصيات المؤثرة بما فيها العلمانية في مسعى إلى تضييق الخناق على القوى اليسارية.
وأرجع القيادي الذي رفض الكشف عن هويته استقطاب الغنوشي لعدد من الشخصيات السياسية سواء منها المحسوبة على ما يعرف باليسار الإسلامي أو اليسار العلماني إلى "سعي القيادة الجديدة التي تهيمن على إدارة الحركة لإرباك القوى العلمانية واليسارية وسحب البساط من تحت قدميها في ظل الحديث عن بناء حزب سياسي وطني قد يجعل منها قوة سياسية".
وتخشى نهضة الغنوشي من تداعيات الحراك السياسي الذي تشهده البلاد على هيمنتها على المشهد السياسي خاصة وأن القوى العلمانية التي فتح قائد السبسي أمامها قصر قرطاج باتت تدفع باتجاه بناء جبهة سياسية وطنية مناهضة للحركة الإسلامية بهدف إعادة التوازن للمشهد السياسي.
وتجاهر قيادات علمانية ويسارية بأن اختلال توازن الخارطة السياسية لصالح النهضة لم يعد مقبولا لأنه بات يهدد مسار الوحدة الوطنية كما يهدد التجربة الديمقراطية التي تستوجب بناء جبهة ديمقراطية قادرة على معارضة النهضة والحد من هيمنتها بما يعزز أداء مختلف الديمقراطيين.
ويقول سياسيون إن رئيس الحركة الإسلامية الذي مازال يدور في فلك الإخوان رغم كل المخاتلات، ينتهج خطابا سياسيا ملغما يشدد من خلاله على علاقته الجيدة بقائد السبسي رغم فتورها من جهة، ويصف الجبهة الشعبية بالتيار الإستئصالي من جهة أخرى في مسعى إلى إرباك الجهتين معا.
وبرأي صابر الدريسي المحلل السياسي فإن "الخطاب السياسي الملغم يستبطن رسالة مفادها أن النهضة الجديدة قادرة على قيادة مشروع انفتاح لا فقط على حلفائها العلمانيين وإنما أيضا على قوى يسارية لا تقاسمها بالضرورة مرجعيتها العقائدية وخياراتها الإخوانية".
ويشدد الدريسي على أن "استقطاب الغنوشي لعدد من الشخصيات المحسوبة على اليسار من جهة وهجومه على الجبهة الشعبية يؤشر فعلا على أن قيادة الحركة قد بدأت فعلا في محاولة نخر القوى اليسارية وتضييق الخناق عليها".
وتتطابق آراء المحللين السياسيين مع معطيات أفاد بها القيادي في حركة النهضة الذي أكد أن "المكتب السياسي للحركة هو الذي يتولى إجراء اتصالات مع عدد من الشخصيات السياسية العلمانية بهدف اقتناص الكفاءات واستقطابها في إطار جهود تهدف إلى اكتساح الفضاء السياسي".
ويبدو أن اقتناص الغنوشي للكفاءات العلمانية واليسارية يتنزل ضمن بعدين أساسيين أولهما مزيد الضغط على التنظيم المحتقن داخليا وتطهير الكيان التنظيمي من الأفكار المناهضة، وثانيهما اكتساح الفضاء السياسي واستبعاد البعد العقائدي من شروط الالتحاق بالحركة بعد أن فشلت في كسب التأييد السياسي والشعبي الذي كانت تحلم به.
وتوقع الدريسي أن يواصل المكتب السياسي للنهضة اتصالاته بعدد من السياسيين بهدف استقطابهم بعد محاولة إقناعهم بأن "نهضة اليوم هي حزب سياسي لا جماعة إسلامية ترحب بانضمام الطبقة السياسية وإسنادها". لكن الدريسي لا يراهن على نجاح جهود الغنوشي في نخر القوى اليسارية في تونس.