الأوساط السياسية تخشى اتساع المعارضة على ضوء بروز بعض الخلافات بين مكونات الائتلاف الحاكم، وخاصة مع حزب آفاق تونس.
تونس - فقد الحزام السياسي للحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد، حزبين مُمثلين في البرلمان بأكثر من 25 نائبا، وذلك في الوقت الذي تباينت فيه الآراء حول استمرار مرجعية “وثيقة قرطاج” التي انبثقت عنها حكومة الشاهد من عدمه بعد الخلافات التي برزت في أعقاب المصادقة على قانون المالية للعام 2017.
وتسبب تصويت حزب الاتحاد الوطني الحر برئاسة سليم الرياحي، وكتلة الحرة النيابية التابعة لحركة مشروع تونس برئاسة محسن مرزوق ضد مشروع قانون المالية، في تقلص عدد الأحزاب التي تؤيد الحكومة الحالية ليستقر عند خمسة أحزاب بعد أن كان عددها سبعة.
وأصبح الائتلاف الحاكم حاليا يتشكل من خمسة أحزاب هي حركتا نداء تونس والنهضة الإسلامية، وحزب آفاق تونس، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، والحزب الجمهوري.
واعتبر مراقبون أن هذا التقلص من شأنه إضعاف هذا الائتلاف الذي جعل الحكومة الحالية تحمل اسم “حكومة وحدة وطنية”، باعتبار تقلص ثقله البرلماني، أمام تزايد ثقل حجم المعارضة داخل البرلمان الذي أصبح يقترب من نحو 70 نائبا من أصل 217، وذلك بعد إعلان حزب الاتحاد الوطني الحر عن انتقاله بشكل رسمي إلى المعارضة.
وتخشى الأوساط السياسية اتساع المعارضة على ضوء بروز بعض الخلافات بين مكونات الائتلاف الحاكم، وخاصة مع حزب آفاق تونس الذي اقتربت مواقفه في الكثير من الأحيان من مواقف المعارضة، إلى جانب استمرار حالة الانقسام التي تعصف بحركة نداء تونس، والتي دفعت البعض من أعضاء كتلتها النيابية إلى تجميد عضويتهم وسط بوادر انضمامهم للمعارضة.
وتأتي هذه التطورات التي جعلت المشهد السياسي غير مستقر، خاصة على ضوء تزايد الحديث حول قرب تشكيل “جبهة ديمقراطية واسعة” تضم الأحزاب الوسطية الديمقراطية، فيما انتقل الجدل حول ما إذا كانت وثيقة قرطاج التي على أساسها تشكلت حكومة يوسف الشاهد قد انتهت أم مازالت تُشكل مرجعية للعمل الحكومي الراهن.
وبدأ هذا الجدل يتصاعد بعد أن أعلن رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي الذي وقع على تلك الوثيقة، أنه مزقها ولم يعد يلتزم بها، حيث تتالت ردود الفعل، واختلفت بين من رأى أن تلك الوثيقة “استنزفت”، وبين من رأى أنها مازالت صالحة.
وجدد جنيدي عبدالجواد القيادي في حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي الذي يُشارك بوزير في حكومة الشاهد، التأكيد على تمسك حزبه بأولويات وثيقة قرطاج، وخاصة منها البنود التي تنص على مكافحة الإرهاب والفساد والتهريب وملف التنمية ومقاومة بؤر الفقر والقضاء على الحيف الاجتماعي.
واعتبر أن تلك الملفات مازالت مطروحة وتمثل جوهر وثيقة قرطاج وتواصلها خير دليل على استمرارية الوثيقة ومبادئها، لافتا في نفس الوقت إلى أن الحوار الذي أجرته الحكومة مع مختلف الأطراف حول مشروع الميزانية، هو دليل على استمرارية روح وثيقة قرطاج وعلى نجاح الحكومة في محاولة تطبيق ما ورد فيها من نقاط.