التونسيون طالبوا رئيس الحكومة بفتح تحقيق خارجي يقف على الإهمال ويعاقب المهملين لا أن يبقى المهمل بعيدًا عن المحاسبة والعقاب
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الألم والاستنكار ما حصل لمواطن وجد ابنه الرضيع في ثلاجة الموتى وهو ما يزال على قيد الحياة، بعد أن تمّ إعلامه بوفاته.
وأكد والد الرضيع، أنّ إدارة مستشفى فرحات حشاد بمدينة سوسة، وسط تونس، هاتفته لإعلامه قبل منتصف الليلة البارحة بأنّ ابنه الرضيع في حالة حرجة، وهو الذي ولد في شهره السابع، قبل ساعات في ذات المستشفى، فما كان منه إلا أنّ توجّه للاطمئنان عليه وعلى أمّه.. وفي صباح اليوم التالي، أعلم بأنّ ابنه توفّي البارحة، فاصطحب معه أخاه إلى المستشفى لاستخراج شهادة الوفاة.
وفعلًا أمضى الطبيب عليها، وأحضر وثائق أخرى ضرورية لإخراج المتوفّى والإذن بدفنه، وفي حدود الساعة الواحدة ظهرًا، عاد إلى المستشفى، بعد أن اكتمل الملف القانوني، وقدمه إلى الممرضة، فاصطحبته إلى ثلاجة الموتى، وهناك كانت المفاجأة، لا من الأب وأخيه فقط، بل حتى من الممرضة المسؤولة.
وأضاف الأخ أنّ الممرضة فتحت الثلاجة، وجذبت إليها “كرذونة”(كرتون)، وضع فيها الرضيع، فلاحظت أنه يتحرّك ويتنفّس، وصاح الأب: “الطفل حيّ، وتضعونه في “كرذونة”، وتؤكدون أنه توفّي”.
وحاولت الممرضة بسرعة، إسعاف الرضيع الذي بقي في الثلاجة، ربما منذ البارحة، مثلما أكد عمّه، ولكنه لم يصمد، وبعد ساعات توفّي فعلًا.
فتح تحقيق
انتشر الخبر بسرعة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وبلغ رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزيرة الصحة، التي أذنت بفتح تحقيق سريع حول حادثة وفاة الرضيع في مستشفى فرحات حشاد بسوسة، كما فتح وكيل الجمهورية تحقيقًا في الحادثة.
من جهته أكد مدير المستشفى، أنه تمّ فتح تحقيق قضائي بقسم طبّ النساء والتوليد بالمستشفى في حادثة الرضيع، الذي توفّي في بيت الأموات إثر خطأ طبي، وتمّ إرسال فريق تفقدّ من وزارة الصحّة للوقوف على ملابسات الحادثة.
وزارة الصحة تتملّص
ونفت وزارة الصحة مسؤولية قسم التوليد بذات المستشفى عن وفاة الطفل، ووضعه في “كرذونة” في ثلاجة الموتى، وأكدت في ساعة متأخرة من ليلة البارحة، في بلاغ نشرت فيه نتائج التحقيق الطبي العاجل من طرف مصالح التفقد الطبي بالإدارة الجهوية للصحة بسوسة بخصوص وفاة الرضيع في ثلاجة الموتى، مؤكدة أنّ “عملية الولادة تمّت عن طريق عملية قيصرية عاجلة تهدف لإنقاذ الأم الحامل في شهرها السادس بعد تعكّر حالتها الصحية.”، مضيفًا “عند الولادة كانت كل المؤشرات الطبية تؤكد أنّ المولود في حالة حرجة وقام الفريق الطبي لقسم التوليد من ناحية وطب الولدان من ناحية ثانية ببذل كل الإمكانيات اللازمة لإنعاشه باعتبارها ولادة مبكرة.”.
وزارة الصحة نفت أيضا “ما وقع تداوله، حيث أثبت التحقيق أنّ المولود لم يتمّ إيداعه البتة ببيت الأموات وأنه بقي من تاريخ ولادته بقاعة التوليد كما جرت عليه العادة”، مشدّدة على أنه “تمّ تمكين الأب من رؤية مولوده على الساعة العاشرة صباحًا، من يوم أمس السبت، وعاين حالة الوفاة ولم يبد أيّة ملاحظة”.
وأضافت الوزارة أنّ “فريق التفقد الطبي التابع للإدارة الجهوية للصحة بسوسة، يواصل أشغاله للوقوف على الوقائع واتخاذ الإجراءات المستوجبة بناءً على ذلك، في صورة ثبوت تقصير إلى جانب تكفل السّلطة القضائية بالموضوع.”.
فضيحة حقيقية
تفاعل التونسيون مع حادثة الطفل الرضيع، وأكدوا استنكارهم الشديد لما حصل، وبالرغم من أنّ التحقيق القضائي لم ينته بعد، فقد شدّد الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على ضرورة محاسبة المقصّرين، خاصة وأنّ الطبيب المسؤول في قسم الولادة أمضى على وفاة الرضيع الذي بات ليلته في ثلاجة الموتى، بحسب تأكيد عمّه.
وبرغم نفي وزارة الصحة، وتحقيق إدارة المستشفى.. وتساءل البعض: “هل يعقل أن تؤكد إدارة ذات المستشفى إهمال قسم التوليد، في تحقيق داخليّ؟.”، وبالتالي فقد طالبوا رئيس الحكومة بفتح تحقيق خارجي يقف على الإهمال ويعاقب المهملين، لا أن يبقى المهمل بعيدًا عن المحاسبة والعقاب، معتبرين أنّ ما حصل لهذا الرضيع “فضيحة حقيقية”.