تنامي الضغوط النفسية لدى التونسيين تزامنًا مع تردي الأوضاع الاجتماعية وضعف المؤسسات فاقم ظاهرة العنف الإجرامي.
تونس – تنامت ظاهرة العنف الإجرامي في تونس خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، وفق ما أعلنته نجلاء عرفة منسقة المرصد الاجتماعي عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت عرفة في ندوة صحافية عقدها المنتدى عبر تقنية التواصل عن بعد إن “العنف الإجرامي مثل 71 في المئة من حالات العنف في تونس، يليه العنف السياسي بنسبة تناهز 13 في المئة، والعنف في الفضاء العام بـ9.7 في المئة، والعنف الاقتصادي بـ 3.2 في المئة. وأرجعت عرفة ارتفاع العنف الإجرامي إلى تصاعد الضغط النفسي لدى التونسيين بعد الثورة مع تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وضعف مؤسسات الدولة وعدم احترامها، ما يدفع البعض إلى التعامل مع الآخر بعدوانية من خلال افتكاك حقه والاعتداء على حرمته، إضافة إلى ارتفاع ظاهرة الإفلات من العقاب”.
واستحوذ العنف الفردي على نسبة 58.1 في المئة في حين شكل العنف الجماعي 41.9 في المئة من العنف في تونس خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري.
وطغى العنف داخل المسكن على بقية الفضاءات بنسبة 38.7 في المئة، يليه العنف في الشارع الذي بلغت نسبته 32.3 في المئة، ثم العنف داخل الفضاء الحكومي بنسبة 16.6 في المئة، والعنف في الفضاء الصحي بنسبة 3.2 في المئة.
وحسب التوزيع الجندري لضحايا العنف كان الذكور أبرز ضحايا العنف بنسبة 44.2 في المئة، ثم الإناث بنسبة 31.9 في المئة، ثم الجنسان (الذكور والإناث) بـ16.6 في المئة.
وعزا خبيران، أحدهما مختص في علم النفس والآخر مختص في علم الاجتماع، أسباب ارتفاع عدد الجرائم في تونس مؤخرا إلى اختلال منظومة القيم وتنامي أنماط العنف الافتراضي وتغيير النمط الاستهلاكي في البلاد.
واعتبر المختص في علم النفس عبد الباسط الفقيه أن “تسليط الأضواء على مثل هذه الحوادث المتكررة والاعتيادية أحيانا في جميع المجتمعات هو السبب في تضخّمها على هذا النحو”.
وقال الفقيه إن الإحصائيات تظهر ارتفاع وتيرة العنف مؤخرا لكنها لا تزال في الحدود الطبيعية دون الوصول إلى درجة الانفجار.
وعزا تنامي معدلات الجريمة إلى عدة أسباب، أبرزها ضعف الروابط العائلية والانقطاع المبكر عن الدراسة.
وأضاف أن البطولة في الكثير من الأعمال الدرامية التي يبثها التلفزيون التونسي عادة ما تنحصر في شخصية المنحرف، فيعتبر المنحرفون أنفسهم أشخاصا مميزين ومختلفين.
وأكد الفقيه أن أغلب الشباب، لاسيما في مرحلة المراهقة، باتوا ضحايا ظاهرة العنف الافتراضي عبر التطبيقات والألعاب الإلكترونية التي يمارسونها دون رقيب.
ولفت إلى أهمية التركيز على أنشطة الشباب الثقافية والاجتماعية ونشر ثقافة الحقوق والواجبات للحفاظ على التوازن النفسي والتربوي لدى الناشئة في تونس.
كما حذر محمد الجويلي، الباحث في علم الاجتماع، من خطورة خلق جيل جديد من المجرمين لا يقتصر على ذوي الخبرة في الإجرام.