قضية التسجيل المسرب لمدير قناة نسمة تكشف تحديات المجتمع المدني الذي يُهاجم بانتظام في بعض وسائل الإعلام حين يتطرق إلى حقوق الإنسان أو الفساد.
تونس- اثار تسجيل مسرب نسب الى مؤسس قناة خاصة في تونس ويكشف تخطيطه لحملة ضد منظمة غير حكومية تعمل في مجال مكافحة الفساد، فضيحة في تونس وسلط الضوء على العلاقة الملتبسة بين المال وبعض وسائل الاعلام.
كما تكشف هذه الفضيحة التحديات التي لا يزال يواجهها المجتمع المدني الذي يهاجم بانتظام في بعض وسائل الاعلام حين يتطرق الى حقوق الانسان او الفساد وذلك بعد اكثر من ست سنوات من الثورة التونسية.
وبدأ الجدل مساء الاحد مع كشف تسجيل صوتي، وفي مقطع من التسجيل يطلب شخص يدل صوته على انه على ما يبدو نبيل القروي الرئيس السابق لقناة نسمة الخاصة وهي من القنوات الرئيسية في المشهد الاعلامي التونسي، ان يتم تصوير لقطة اعلانية لتشويه اعضاء منظمة انا يقظ غير الحكومية وتصويرهم على انهم خونة وعملاء للخارج باستخدام معلومات مفبركة.
كما يطلب الصوت تشويه سمعة صديقاتهم او خطيباتهم مشيرا الى ان القناة يمكنها ان تعول في هذه الحملة على صحافيين "لدينا عنهم ملفات" يمكن الضغط بها عليهم. واعلنت النيابة العامة الثلاثاء فتح تحقيق قضائي في القضية.
ممارسات خطيرة
ورغم ان منظمات غير حكومية حذرت من امد بعيد من محاولات رجال اعمال او سياسيين الهيمنة على بعض وسائل الاعلام، فان التسجيل اثار صدمة بكشفه عن خطة لتهديد الحياة الخاصة لناشطين كما كان يحدث في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (1987-2011).
وقال رئيس منظمة انا يقظ اشرف العوادي انه في عهد بن علي "كانت هذه الممارسات الخطيرة تهدف الى تلميع صورة النظام في حين انها اليوم تهدف الى خدمة مصالح بعض الشخصيات".
وفي تقرير نشر في 2016 اتهمت انا يقظ التي تمثل منظمة الشفافية الدولية في تونس نبيل القروي وشقيقه بـ"التهرب الضريبي". وعلى اثر بث التسجيل، اعلنت المنظمة انها سترفع دعوى جزائية ضد القروي وكل من تورط في الامر.
واضاف العوادي "نحن نعتذر لدى الصحافيين لكن لا علاقة للامر بحرية التعبير، الامر لم يعد يتعلق بالصحافة بل بعصابة اجرامية". وفضلت قناة نسمة عدم التعليق حاليا.
لكن احد العاملين في القناة امين مطيراوي اكد ان التسجيل تعرض لعملية مونتاج لكنه لم ينف محتواه. واوضح ان التصريحات المنسوبة لنبيل قروي هي "رد فعل طبيعي" على "حملة" ضد القناة في اشارة الى تقرير منظمة "انا يقظ".
وقال متحدثا عن اعضاء المنظمة "اين هو الثلب (التشهير)؟ انا لا افهم، اذا كنا نتحدث عن مشبوهين وقلنا انهم مشبوهون هل يعتبر ذلك ثلبا؟ انهم خونة وعملاء".
ونددت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بالتصريحات المنسوبة للقروي وقالت انها "لا علاقة لها بالصحافة واخلاقياتها".
ناقوس خطر
ونبيل القروي شخصية معروفة في تونس، وكان اعلن تخليه عن ادارة قناة نسمة ليتفرغ لحزبه حزب نداء تونس الذي كان اسسه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وذلك لينسجم مع القواعد السائدة التي تقضي بان مسؤولا سياسيا لا يمكن ان يدير وسيلة اعلام.
لكن الصحافي وليد الماجري قال الاثنين ان القروي هو من يدير القناة فعليا. وعلى خلفية صراع اجنحة داخل حزب نداء تونس، غادر القروي في الاونة الاخيرة الحزب. وتظهر هذه القضية تعقيدات الاوضاع المالية وخطوط التحرير في وسائل الاعلام التونسية.
ويرى استاذ الصحافة العربي شويخة انه منذ الثورة "تم اهمال القطاع والامر جلي خصوصا في الاعلام السمعي البصري فكان ان فرضت سطوة المال نفسها عليه".
من جهته اعتبر اشرف العوادي ان "هناك خطرا على الديمقراطية وعلى معنى المواطنة في تونس وعلى مؤسسات الدولة" ما لم يتم انهاء الافلات من العقاب "بالنسبة لمن يخالون انه لا يمكن المساس بهم".