اتسعت خارطة الاحتجاجات الشعبية للمطالبة بالتنمية والتشغيل، لتشمل غالبية المناطق في تونس، وسط تزايد الانتقادات والإتهامات للحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد الذي بدأ زيارات ميدانية لعدد من الجهات في مسعى لإحتواء حالة الغضب والإحتقان في البلاد.
وشل إضراب عام امس(الخميس)، ولاية الكاف وذلك في تصعيد للإحتجاجات الشعبية للمطالبة بالتنمية والتشغيل التي اتسعت خارطتها لتشمل غالبية المحافظات التونسية.
ودعت إلى هذا الإضراب التنسيقية الجهوية لفروع المنظمات الوطنية الكبرى في مدينة الكاف، أي الاتحاد العام التونسي للشغل، و الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وأغلقت المؤسسات الخاصة والإدارات العامة والمحلات التجارية أبوابها، حيث أكد إبراهيم القاسمي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (فرع الكاف)، في تصريحات إذاعية، إن الإضراب شمل كافة القطاعات باستثناء القطاعات الحيوية، منها أقسام طب الطوارئ، والصيدليات، والمخابز، والمعاهد التعليمية التي تجري فيها اختبارات البكالوريا.
وأضاف أن أهالي ولاية الكاف غير بعيد عن الحدود مع الجزائر، نظموا مسيرة سلمية وسط مدينة الكاف للتنديد، بما وصفه، بصمت الحكومة تجاه مطالب الجهة المتعلقة بحقها في التشغيل والتنمية.
ويأتي هذا الإضراب العام فيما اتسعت خارطة الاحتجاجات الشعبية التي تعيش تونس على وقعها منذ نحو أسبوع، لتشمل غالبية مناطق البلاد، للمطالبة بالتنمية وتوفير المزيد من فرص العمل.
وفي هذا السياق، نظم امس عدد من العاطلين عن العمل في ولاية جندوبة مسيرة انطلقت من مقر فرع الاتحاد العام التونسي للشغل بجندوبة لتتوقف أمام مقر الولاية، حيث رفع المشاركون فيها شعارات طالبوا فيها السلطات المركزية بإيجاد حلول جذرية لمشاكل الجهة، وخاصة منها تلك المرتبطة بإنعدام التنمية والتشغيل.
وقبل ذلك، عمد عدد من المحتجين في مدينة المكناسي من ولاية سيدي بوزيد، إلى غلق السكك الحديدة أمام القطارات المُحملة بالفوسفات بإتجاه ولاية صفاقس، وذلك للإحتجاج على عدم تلبية مطالبهم في التشغيل والتنمية.
وتشهد بقية محافظات البلاد منذ أكثر من أسبوع تزايد التحركات الاحتجاجية التي حُظيت بدعم وتأكيد غالبية الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية منها الإتحاد العام التونسي للشغل الذي أكد في بيان وزعه (الإثنين) الماضي وقوفه المبدئي مع كل التحركات الشعبية والاجتماعية السلمية من أجل المطالب المشروعة في التشغيل والتنمية.
ولكنه حذر في المقابل، من محاولة بعض الأطراف "الركوب على هذه التحركات لبث الفوضى لصالح الشبكات الفاسدة ومراكز النفوذ المشبوهة أو لتصفية الحسابات السياسية أو لخدمة أجندات انتخابية انطبعت بازدواجية الخطاب وتعارض الممارسة مع التصريحات المعلنة".
ودعا في بيانه الحكومة إلى الدخول في حوار جدي مع المحتجين يفضي إلى حلول عملية ملموسة، وإلى الإسراع بوضع استراتيجية استباقية للنهوض بالجهات المحرومة والمهمشة وعدم انتظار الاحتجاجات للاستجابة إلى المطالب الاجتماعية حتى لا يبقى دورها إطفاء الحرائق وتقديم الوعود.
وإمام هذه التطورات التي تُوصف في تونس بالخطيرة، بدأ امس (الخميس) رئيس الحكومة يوسف الشاهد زيارات ميدانية تشمل المحافظات التي تشهد تزايد الإحتجاجات الشعبية وذلك في مسعى لإمتصاص حالة الغضب المتصاعد.
وقالت رئاسة الحكومة التونسية إن زيارات الشاهد التي بدأت بولاية صفاقس، ستشمل سبع ولايات، حيث سيرافقه فيها نصف أعضاء فريقه الحكومي، وذلك للإستماع لمطالب المحتجين، والإعلان عن حزمة من المشاريع التنموية.
واعتبر الشاهد في تصريحات للصحفيين فور وصوله إلى مدينة صفاقس، أن "الوقت حان لإعادة الاعتبار لولاية صفاقس".
وأقر أن هذه الولاية "لم تأخذ حظها من التنمية"، ثم أعلن أن حكومته تستعد لإطلاق جملة من المشاريع التنموية لفائدة هذه الولاية تشمل مجالات الصحة والبيئة و الرياضة والبنية التحتية.
وتتطلع الحكومة التونسية إلى أن تُساعد هذه الإجراءات في احتواء التوتر وامتصاص حالة الاحتقان ليس فقط في ولاية صفاقس، وإنما في بقية مناطق البلاد، غير أن أحزاب المعارضة والمنظمات الوطنية تُشكك في إمكانية نجاح يوسف الشاهد وفريقه الحكومي في مهمته، ولا تتردد في القول إن الحكومة الحالية تحولت إلى ما يُشبه رجل الإطفاء الذي "لا يكاد يطفئ حريقا حتى يندلع آخر".
وترى انه بعد أكثر من ستة أعوام من الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق بن علي في 14 جانفي 2011،لا تزال عوامل التهميش وانعدام المساواة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروات، متواصلة مع بنى تحتية مهترئة ونسبة فقر وبطالة مرتفعة في مُجمل مناطق البلاد الداخلية.
ولا تتردد أحزاب المعارضة والمنظمات الوطنية في إتهام الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، وبقية الحكومات التي عرفتها تونس بعد 14 جانفي 2011، بأنها لا تملك رؤية واضحة لمعالجة الملفات الحارقة وخاصة منها ملف البطالة والأزمة الاقتصادية، ولا برامج تنموية واضحة أو حلول لمعضلات الفقر في تلك المناطق التي تعاني منذ عقود من التهميش.