لعبت نساء داعش دورا كبيرا في الدعاية للتنظيم الإرهابي عبر الشبكات الاجتماعية.. ووصفن في الكثير من الأحيان بـ”مصنع الذئاب المنفردة”، وحققت الداعشيات “مكتسبات” جديدة، فلم يعدن محظورات من المشاركة في القتال.
لندن - بدأ إرهابيو داعش المحاصرون الآن في دمج النساء في وحدات مسلحة، أملا في زيادة عددهم بعدما ضاق الخناق عليهم.
وتكونت طليعة تلك النساء المقاتلات بين صفوف داعش في الموصل إبان دخول القوات العراقية لتحرير المدينة من قبضة التنظيم، وفقا لمجلة نيوزويك الأميركية.
ولم يسبق أن لعبت المرأة دورا في صفوف تنظيم داعش سوى كونها “مطية” لإشباع شهوة مقاتليه، إضافة إلى دورها في الجهاد الإلكتروني إذ ينشطن في الدعاية للتنظيم على المواقع الاجتماعية.
وتستخدم النساء علانية حساباتهن الشخصية على المواقع الاجتماعية في امتداح الهجمات، ويحرضن على سفك المزيد من الدماء، وقطع رؤوس الغرب ويقدمن النصائح والتشجيع لنساء أخريات ممن يفكرن في الانضمام إليهن.
وقالت جين هاكبيري الأستاذة المشاركة في كلية الحقوق في جامعة دوك المتخصصة في شؤون النساء ومكافحة التطرف “كنا ننظر إلى النساء من منظور أنهن ضحايا ولسن إرهابيات محتملات.. وغض صانعو السياسة النظر عن الإرهاب النسائي وقللوا من شأنه سواء من حيث دوافع الانضمام إلى التنظيم أو الأدوار التي يلعبنها هناك”.
ومن المعتقد أن إحدى هؤلاء المنضمات إلى العمل العسكري لدى داعش هي المراهقة الألمانية ليندا وينتزل ذائعة الصيت، والتي تم القبض عليها قبل شهرين.
وأوضحت تقارير سابقة أن 100 فتاة وامرأة ألمانية انتقلن العام الماضي إلى داعش، وتتراوح أعمارهن بين 16 و27 عاما، وأن غالبية النساء الغربيات اللاتي سافرن إلى مناطق سيطرة التنظيم من بريطانيا وهولندا وفرنسا والنمسا.
وذكرت تلك التقارير أنه في المجمل هنالك 550 امرأة من دول غربية انضممن إلى داعش منذ بداية العام الحالي، ويقمن بالدعاية للتنظيم على شبكة الإنترنت. والآن أصبحن في صفوف المقاتلين على الجبهات الأمامية من القتال.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعتمد فيها التنظيم على العنصر النسائي، فقد بدأت القصة مطلع عام 2014، مثلما حدث مع تشافين مالك (27 عاما) الفتاة التي أطلقت الرصاص في سان برناردينو بأميركا سنة 2015، وحسناء أيت بلحسن (26 عاما) التي شاركت في اعتداءات باريس في نوفمبر 2014، والتي خلفت 130 قتيلا، إذ يعتقد أنها كانت المرأة الأوروبية الأولى من داعش التي تقوم بذلك، عندما فجرت حزامها الناسف بشقة بضاحية في باريس أثناء مداهمة الشرطة.
وقال مسؤولون عراقيون لصحيفة “تلغراف” البريطانية إنهم قبضوا على 12 امرأة أخرى على الأقل أمرن بمهاجمة القوات العراقية. ويعتقد أن حوالي 40 امرأة أخرى قد صدرت لهن أوامر بتنفيذ عمليات انتحارية في البلدة القديمة من الموصل.
وأدرك التنظيم قيمة إرسال النساء، وذلك لندرة تعرضهن للتفتيش بحثا عن المتفجرات؛ نظرا لثقافة العراق المحافظة اجتماعيا.
وكثيرا ما صورت النساء اللاتي ينضممن إلى داعش على أنهن وقعن ضحايا لعملية “غسل مخ” من قبل الرجال، ويغفلن دورهن كمشاركات راغبات.
وبحسب دراسة للمركز الدولي لدراسات التطرف، فإن الرجال الذين خضعوا لتدريب الشريعة، ممن شملتهم الدراسة، قالوا إنهم قطعوا رأس أحد السجناء قبل الإقرار ببيعتهم للتنظيم الإرهابي، بينما قالت النساء في الحسبة إنهن تحولن إلى معذبات ساديات.
وقال الخبير والمحلل السياسي إهس ماركيت “داعش أجبر النساء على الإضطلاع بدور نشط في القتال، وهذا ما يخالف مزاعمه، وهي على الأرجح محاولة منه للحد من تأثير النقص الحاد في الموارد البشرية، ويعود السبب في ذلك إلى استنزاف المقاتلين الذكور في معارك التنظيم الأخيرة”.
وتابع “ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الزيادة في التفجيرات الانتحارية الأنثوية هي ببساطة نتيجة للجيوب النهائية لمقاومة داعش أو النساء اللواتي أجبرتهن الجماعة على تنفيذ هذه الهجمات، أم أنها تمثل بداية لاتجاه أوسع للمقاتلات الإناث الراغبات في لعب دور قيادي في هذا التنظيم الإرهابي.
ولا ينحصر تأثير هذه التغييرات في “داعش”، بل إن جماعات متطرفة أخرى تسعى إلى اتباع الاستراتيجية نفسها، والساعية إلى تجنيد المزيد من النساء في صفوفها. ففي الشهر الماضي أصدرت حركة طالبان مجلة جديدة تهدف إلى اجتذاب المجندات المحتملات بشكل يشابه مجلة “الشامخة” التي أصدرتها جبهة “النصرة” التابعة لتنظيم “القاعدة” قبل سنوات في سوريا.
وأطلقت طالبان على المجلة الجديدة اسم “الخولة” نسبة إلى اسم المقاتلة المسلمة خولة بنت الأزور التي عاشت في القرن السابع.
يذكر أن تنظيم داعش الذي يعتبر الجماعة الجهادية الرائدة في استخدام الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لم يقدم إصدارات نسائية بالكامل ضمن أجهزته الإعلامية المتعددة.
غير أن النسخة الأخيرة لمجلة داعش الإلكترونية “رومية” أشارت إلى ضرورة إعادة النظر في الرسائل السابقة التي تحيط بدور المرأة، وقد أكد أحد الكتاب في مقال أن دور المرأة يتسم بأهمية متزايدة حيث أمام التنظيم مصاعب ومعارك شديدة يجب أن تشارك فيها.
وتصدر “رومية” بعدة لغات غربية، بما في ذلك الإنكليزية والفرنسية والألمانية، ما يشير إلى أن هذه الدعوة موجهة بالدرجة الأولى إلى الجمهور الغربي مثل نساء وأرامل المقاتلين الأجانب اللواتي مازلن يعشن في ما يسميه التنظيم “أرض الخلافة”.