مدرب الألعاب القتالية المصري أشرف محروس يحاول التعريف بالمصارعة الحرة المصرية التي تحظي بإعجاب ومتابعة الكثيرين.
الإسماعيلية (مصر) - على مدى خمسة أشهر كان أشرف محروس، مدرب الألعاب القتالية المصري، يحاول تنظيم عرض جماهيري للمصارعة الحرة المصرية. وعندما نجح في تحقيق مراده، بلغ عمر العرض عشر دقائق فقط، قبل أن يقضي عليه ضعف التمويل وسوء التنظيم.
ويقود محروس الملقب بـ”كابونغا” (37 عاما)، مجموعة من لاعبي المصارعة الحرة المصريين الذين يحلمون بالشهرة التي يحظى بها محترفو هذه اللعبة في الولايات المتحدة والعالم، وقد أسس للترويج لهذه الرياضة شركة “إي.دبليو.آر” (وهي الأحرف الثلاثة الأولى لكلمات بالإنكليزية تعني مصارعة مصر والعرب).
وبعد تدريبات لأشهر طويلة مع فريقه، سعى إلى تنظيم عرض مباشر أمام الجمهور وافقت على استضافته مدرسة في قرية أبوسلطان في محافظة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس، على هامش الاحتفال بانتصار مصر في حرب “أكتوبر 1973”.
كان كابونغا فخورا وسعيدا عندما وصل إلى باحة المدرسة ليلة 26 أكتوبر مرتديا ربطة عنق ومستعدا للعرض الذي انتظره طويلا. وكانت القاعة تعج بحوالي ألف شخص، إلا أن الفرحة لم تدم.
وكان اللاعبون قد جهزوا أنفسهم باكرا، وارتدى أحدهم رداء وقناعا أسودين، فيما وضع آخر ألوانا على وجهه على طريقة مغنيّ موسيقى “الميتال”، وكان ثالث يرتدي عباءة تشبه جلد النمر.
صعد اللاعبون الملقبون بـ”نينجا” و”ملك الليل” و”تايغر” إلى الحلبة على أنغام موسيقى الروك، وراحوا يقفزون في الهواء، ويتفاعلون مع الحضور بحركات تشبه حركات مصارعة المحترفين الأميركية التي تحظى بالكثير من المشجعين في مصر والدول العربية.
بعد دقائق، تحمس الحضور من الشباب والفتيان والتفوا حول الحلبة الخشبية للمشاهدة والتشجيع. وكانوا يطلقون الصيحات الحماسية من دون توقف. وحجب هؤلاء المشهد على مسؤولين محليين ومن المدرسة كانوا جالسين على الكراسي الأمامية، فغضبوا وغادروا المكان.
على إثر ذلك، أوقف المنظمون العرض، واعترض الفتية، وكان في الإمكان سماعهم يهتفون “كابونغا، كابونغا”، ثم يقول أحدهم “لا نرى شيئا إذا وقفنا في الخلف.. نحن لم نفعل شيئا، فقط نريد المشاهدة”. وتم إخلاء الفضاء، بينما جلس كابونغا، صاحب البنية الضخمة، تحت الأضواء الخافتة بعد أن أُطفئت أنوار حلبته المقامة وسط الفناء، وقد اغرورقت عيناه بالدموع وظهرت على وجهه ذي الملامح الطفولية، حسرة بالغة. وفك ربطة عنقه وهو يقول “حسبي الله ونعم الوكيل”،مضيفا، “لو كان هناك مال لاستطعنا أن نجلب مقاعد للجميع وأن نتعاقد مع شركة منظمة”.
إلى جانب كابونغا جلس المصارعون يندبون حظهم العاثر. وقال أحدهم بنبرة حزينة منخفضة “نعم.. لا أحد ينجح هنا في مصر”.
في 2012، جمع محروس الذي كان مدرب ألعاب قتالية، ثمانية لاعبين بينهم فتاتان، وأقنعهم بالفكرة. اليوم، وصل عدد اللاعبين إلى خمسين لاعبا ولاعبة من محافظات عديدة في الجمهورية يلعبون مصارعة المحترفين تحت راية شركة ترفيه وأنشطة رياضية استخرج لها محروس سجلا تجاريا عام 2017. وتقام التدريبات أمام منزل كابونغا في قرية ساربيوم المجاورة لأبوسلطان، على حلبة متواضعة. وقال محمد، أحد المصارعين الملقب بـ”الكوماندو” لصعوبة الحركات التي يؤديها، “أنا أتابع مصارعة المحترفين الأميركية منذ الصغر، ومثلي الأعلى هو اللاعب راي ميستيريو بسبب حركاته الخفيفة على الحبال وأسلوب لعبه داخل الحلبة”، في إشارة إلى أحد نجوم مصارعة المحترفين الأميركية. وتحظى مصارعة المحترفين الأميركية في مصر بإعجاب ومتابعة الكثيرين. وتبث مقاه عديدة في مناطق شعبية عروضها، ويحفظ أطفال أسماء أشهر اللاعبين الأجانب، ولعلّ أكثرهم شعبية في مصر هولك هوغان، وأندرتايكر المعروف بـ”الحانوتي”، و”تريبل إتش”، وباتيستا وغيرهم.
وقد نظمت شركة كابونغا حتى الآن “22 عرضا”، بحسب قوله، معظمها في أندية، وكان آخرها في مستشفى السرطان للأطفال بالقاهرة في أبريل.
وإذا كان المصارعون العالميون يحققون ثروات من وراء العروض التي يقدمونها، فإن المصريين بدأوا بشق طريق الشهرة عبر صفحة “فيسبوك” التي يتابعها قرابة 40 ألف شخص. وقال سمير إبراهيم (22 عاما) الملقب بـ”نينجا” بسبب جسده النحيل وخفة حركاته، “بعد ثلاثة أشهر على دخولي الجامعة، وجدت أشخاصا يقولون لي: أنت تظهر على التلفزيون. نحن نعرفك أنت نينجا الذي يلعب المصارعة”.
وتابع، “إذا توفرت لنا الرعاية، فلن نحتاج لممارسة أي مهنة. ستكون مهنتي لاعب مصارعة محترفا مثلما نرى في الولايات المتحدة الأميركية”.
ويتدبر لاعبو “أي.دبليو.آر” أمرهم لدفع نفقات الغذاء والملابس وتنظيم العروض من خلال دفع مساهمات يتحمل النصيب الأكبر فيها المؤسس كابونغا. لكن رغم كل هذه التضحيات، يبدو حلمهم اليوم بالوصول إلى العالمية متعثرا.